
مظاهرة في برلين تندد بقمع الأصوات المؤيدة لفلسطين وتدعو لوقف التعاون مع إسرائيل
شهدت العاصمة الألمانية برلين مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات من الناشطين والأكاديميين والفنانين، رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية ورددوا شعارات تدين ما وصفوه بـ«قمع الأصوات المؤيدة لفلسطين» داخل المؤسسات الأكاديمية والثقافية الألمانية.
وطالب المحتجون الحكومة الألمانية بإعادة النظر في سياساتها المنحازة لإسرائيل، مؤكدين أن الموقف الرسمي الألماني يسهم في إدامة معاناة الشعب الفلسطيني.
المظاهرة التي جرت في شارع “ياخر” وسط العاصمة، جاءت استجابة لدعوات من منظمات طلابية ومؤسسات ثقافية مستقلة، احتجاجًا على ما اعتبروه «مناخاً خانقاً» يواجه كل من يتحدث دفاعاً عن فلسطين أو ينتقد سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
انتقادات لسياسات برلين ودعوات لمراجعة التعاون مع إسرائيل
رفع المتظاهرون صورًا لباحثين فلسطينيين قُتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي، إلى جانب لافتات تطالب بإنهاء التعاون الأكاديمي والثقافي بين ألمانيا وإسرائيل، ووقف تصدير السلاح الذي يُستخدم ضد المدنيين في غزة والضفة الغربية.
وقال الناشط الألماني غيورغ إسماعيل إن المظاهرة تهدف إلى تذكير الحكومة الألمانية بمبادئها الحقوقية والإنسانية، مضيفًا: «من غير المقبول أن تتبنى ألمانيا خطابًا يدّعي الدفاع عن حرية التعبير، بينما تُسكت كل من يرفع صوته تضامنًا مع الفلسطينيين».
وأشار إلى أن الضغوط التي يتعرض لها الأكاديميون والفنانون المؤيدون لفلسطين في ألمانيا «هائلة وغير مبررة»، وأن عدداً منهم فقد وظائفه أو مُنع من الظهور في الفعاليات العامة بسبب مواقفه.
تصاعد التضييق على المؤيدين لفلسطين في ألمانيا
في السنوات الأخيرة، واجهت ألمانيا انتقادات متزايدة بسبب ما يصفه الحقوقيون بـ«تضييق ممنهج» على حرية التعبير فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فعدّة جامعات ومؤسسات ثقافية ألغت فعاليات أو معارض فنية كان من المقرر أن تتناول الانتهاكات الإسرائيلية، بحجة أن ذلك «يتعارض مع سياسة الدولة الداعمة لإسرائيل».
ويقول مراقبون إن هذا التوجه يعكس رغبة الحكومة الألمانية في تجنب أي خلاف دبلوماسي مع تل أبيب، خصوصاً بعد تصاعد الصراع في غزة خلال السنوات الماضية، في وقت تتعرض فيه برلين لضغوط داخلية من منظمات حقوقية تطالبها بموقف أكثر توازناً.
حرية التعبير بين المبادئ والسياسة
ورغم أن الدستور الألماني يضمن حرية الرأي والتعبير، فإن كثيراً من النشطاء يرون أن هذا الحق لا يُطبّق بالتساوي عندما يتعلق الأمر بفلسطين.
ويؤكدون أن مؤيدِي القضية الفلسطينية يُتهمون بشكل تلقائي بمعاداة السامية، وهو ما أدى إلى تكميم العديد من الأصوات في الأوساط الأكاديمية والفنية.
وتشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن ألمانيا، التي تُعد من أكثر الدول الأوروبية صرامة في تطبيق قوانين مناهضة الكراهية، أصبحت تتعامل بحذر مفرط مع كل ما يتعلق بانتقاد إسرائيل، ما انعكس على مناخ الحريات العامة.
مظاهرةبرلين تعيد الجدل حول موقف ألمانيا من فلسطين
ويرى محللون أن مظاهرة برلين المؤيدة لفلسطين ليست مجرد حدث احتجاجي، بل إشارة إلى تحوّل متنامٍ في الرأي العام الألماني، خصوصاً بين الشباب والمثقفين، الذين بدأوا في مساءلة الموقف الرسمي لبلادهم من الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى البعض أن هذا الحراك قد يشكل بداية لتغيير تدريجي في الخطاب الألماني حول الشرق الأوسط، خاصة إذا استمرت الأصوات المطالبة بالمساواة في حرية التعبير ووقف ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان.
بهذا التحرك الشعبي، تعود القضية الفلسطينية إلى قلب النقاش العام في ألمانيا، لتطرح تساؤلات جديدة حول حدود حرية الرأي في بلد يفاخر بديمقراطيته، وحول مدى استعداد برلين لمراجعة تحالفاتها في ضوء القيم الإنسانية التي طالما رفعتها شعاراً أمام العالم.