
أوربان يرفض مصادرة الأصول الروسية المجمدة ويؤكد: المجر لن تخاطر بمصالحها في موسكو
في موقف يعكس سياسة الحذر التي تتبناها بودابست تجاه الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية، أعلن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان أن بلاده لن تؤيد مصادرة الأصول الروسية المجمدة في أوروبا إذا كانت تلك الخطوة قد تؤدي إلى ردود فعل روسية تضر بمصالح الشركات المجرية العاملة في موسكو.
جاء تصريح أوربان خلال مقابلة مع موقع «Mandiner» المجري، حيث شدد على أن المجر تدرس بعناية عواقب أي قرار أوروبي يتعلق بالأموال الروسية المحتجزة.
وقال: «نتشاور مع موسكو بشأن الأصول الروسية المجمدة، وأوضح أن أي استيلاء أوروبي على هذه الأموال سيثير إشكالات قانونية خطيرة، وسيدفع روسيا لاتخاذ إجراءات جوابية».
المجر تخشى الإجراءات الروسية الانتقامية
أوربان أوضح أنه يسعى للحصول على تأكيدات من موسكو حول ما إذا كانت ستصادر أصول الشركات المجرية أو تجمدها في حال وافقت بودابست على قرار الاتحاد الأوروبي المقبل باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا.
وأكد قائلاً: «إذا تضررت الشركات المجرية نتيجة أي إجراء روسي انتقامي، فلن أؤيد مصادرة الأصول الروسية إطلاقاً، لأن ذلك يعني خسائر مباشرة للمجر».
ويعكس هذا التصريح الموقف المتوازن الذي تحاول المجر الحفاظ عليه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تسعى لتجنب القطيعة الكاملة مع موسكو، مع البقاء داخل إطار الاتحاد الأوروبي.
تجميد مئات المليارات من الأصول الروسية
منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022، جمد الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع نحو 300 مليار يورو من احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية، من بينها أكثر من 200 مليار يورو داخل الاتحاد الأوروبي، أغلبها في حسابات “يوروكلير” البلجيكية، وهي واحدة من أكبر أنظمة المقاصة والتسوية المالية في العالم.
وخلال عام 2025، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها حولت نحو 14 مليار يورو إلى أوكرانيا من عائدات تلك الأصول الروسية المجمدة، وهو ما اعتبرته موسكو خطوة “استفزازية” تمس سيادتها المالية.
موسكو تصف تجميد الأصول الروسية بأنه “سرقة”
ردت روسيا على تلك الإجراءات بفرض قيود على أصول المستثمرين الأجانب القادمين من “الدول غير الصديقة”، حيث يتم تجميعها في حسابات خاصة من نوع “C”، لا يمكن سحب الأموال منها إلا بقرار حكومي خاص.
ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مصادرة الأصول الروسية بأنها “سرقة علنية”، مؤكداً أن موسكو سترد بالمثل وقد تمتنع عن إعادة الأموال التي تملكها الدول الغربية داخل روسيا.
المجر بين مطرقة الاتحاد الأوروبي وسندان موسكو
يرى مراقبون أن موقف المجر من قضية الأصول الروسية المجمدة يعكس نهجها المستقل في السياسة الخارجية، إذ تسعى بودابست إلى حماية مصالحها الاقتصادية مع روسيا، وخاصة في مجالات الطاقة والاستثمار، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً أوروبية متزايدة لدعم العقوبات ضد موسكو.
ويبدو أن أوربان، الذي كثيراً ما ينتقد سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا، يحاول موازنة الموقف بما يحافظ على المصالح الوطنية لبلاده دون الانخراط الكامل في المواجهة الاقتصادية بين الشرق والغرب.
بهذا الموقف، تواصل المجر السير على خط دقيق بين شركائها في الاتحاد الأوروبي وعلاقاتها التاريخية مع روسيا، لتؤكد مجدداً أن مصادرة الأصول الروسية المجمدة ليست مجرد قضية قانونية، بل اختبار حقيقي لاستقلال القرار الأوروبي وتوازن المصالح في القارة العجوز.