
ترامب يلوّح بمراجعة التعاون الأمريكي مع الأرجنتين إذا فاز اليسار في الانتخابات المقبلة
في تصريحات تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية كبرى، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده قد تُعيد النظر في علاقاتها الاقتصادية مع الأرجنتين إذا أسفرت الانتخابات البرلمانية القادمة عن فوز القوى اليسارية أو الاشتراكية.
وجاءت تصريحات ترامب خلال لقائه بالرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في العاصمة واشنطن، حيث أكد أن توجهات واشنطن الإيجابية تجاه بوينس آيرس «تعتمد بشكل كبير على نتائج الانتخابات المقبلة».
ترامب يحذر من عودة الاشتراكيين: “سنعيد تقييم تعاوننا”
قال ترامب في كلمته: “موقفنا الإيجابي تجاه الأرجنتين يعتمد إلى حد كبير على من سيفوز في الانتخابات. إذا فاز اشتراكي أو شيوعي، كما حدث في نيويورك، فسيتغير شعورنا بشأن الاستثمارات والتعاون الاقتصادي.”
وأضاف أن بلاده قد تضطر إلى “تعليق بعض أوجه التعاون الحالية” في حال عودة الأحزاب ذات التوجهات اليسارية إلى السلطة، معتبرًا أن مثل هذه السياسات “لا تخدم الاقتصاد الحر ولا تشجع على الاستثمار”.
الأرجنتين بين مفترق طرق سياسي واقتصادي
تأتي تصريحات ترامب في وقت حرج بالنسبة للأرجنتين، التي تستعد لإجراء انتخابات برلمانية جزئية في 26 أكتوبر الجاري، سيتم خلالها انتخاب نصف أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ.
ويأمل حزب «الحرية تتقدم» اليميني، الذي يقوده الرئيس خافيير ميلي، في توسيع نفوذه داخل البرلمان، حيث يواجه معارضة يسارية قوية تسيطر على أغلبية المقاعد في المؤسستين التشريعيتين.
ويُعرف ميلي، الاقتصادي الليبرالي المعروف بآرائه الراديكالية، بدعواته المتكررة لخصخصة مؤسسات الدولة وخفض الإنفاق العام وتقليص تدخل الحكومة في الاقتصاد، وهي سياسات تلقى دعمًا من دوائر الأعمال الأمريكية المحافظة ومن الرئيس ترامب شخصيًا.
الاقتصاد الأرجنتيني في وضع حساس
تعيش الأرجنتين واحدة من أصعب المراحل الاقتصادية في تاريخها الحديث، مع ارتفاع التضخم السنوي إلى مستويات تتجاوز 140%، وتراجع قيمة العملة الوطنية، وازدياد معدلات الفقر والبطالة.
ويرى محللون أن تصريحات ترامب تمثل رسالة ضغط مبطنة للناخبين الأرجنتينيين، تهدف إلى تشجيعهم على دعم التحالفات المؤيدة لميلي، باعتبارها الضمانة الوحيدة لاستمرار التعاون المالي والاستثماري مع الولايات المتحدة.
في المقابل، حذرت بعض القوى المعارضة من «تدخل واشنطن في الشؤون الداخلية الأرجنتينية»، معتبرة أن التهديد بقطع التعاون الاقتصادي يمثل محاولة للتأثير على القرار الديمقراطي للشعب الأرجنتيني.
دلالات الموقف الأمريكي: الاقتصاد في خدمة السياسة
يرى مراقبون أن تصريحات ترامب لا تقتصر على الملف الأرجنتيني فحسب، بل تعكس توجهًا أوسع في السياسة الأمريكية يقوم على ربط المساعدات والتعاون الاقتصادي بالاصطفاف السياسي، خاصة في أمريكا اللاتينية التي تشهد موجة جديدة من التحولات اليمينية واليسارية المتناقضة.
ويشير خبراء العلاقات الدولية إلى أن إدارة ترامب تسعى من خلال دعم ميلي إلى تحجيم النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، إذ تسعى بكين وموسكو لتوسيع حضورها الاقتصادي في أمريكا الجنوبية عبر الاستثمارات والبنية التحتية والطاقة.
ميلي يحظى بدعم واشنطن وفرصه تتزايد
يُنظر إلى خافيير ميلي اليوم باعتباره أحد أكثر القادة اليمينيين شعبية في أمريكا اللاتينية، بفضل سياساته الاقتصادية الجريئة وخطابه المعادي للبيروقراطية والضرائب المرتفعة.
وأكد ترامب في لقائه أن “ميلي حقق إنجازات كبيرة في فترة قصيرة، وهو على وشك تحقيق نجاح اقتصادي ضخم”، في إشارة إلى تعافٍ جزئي في بعض مؤشرات السوق الأرجنتيني خلال الأشهر الماضية.
مستقبل التعاون الأمريكي الأرجنتيني على المحك
مع اقتراب موعد الانتخابات الأرجنتينية 2025، تبدو العلاقات بين واشنطن وبوينس آيرس مرتبطة بشكل وثيق بنتائج صناديق الاقتراع. فبينما تراهن الولايات المتحدة على استمرار السياسات الليبرالية للرئيس ميلي، قد يؤدي فوز اليسار إلى تراجع الاستثمارات الأمريكية وتجميد بعض الاتفاقيات التجارية.
ويبقى السؤال المطروح: هل تنجح الأرجنتين في تحقيق التوازن بين استقلال قرارها السياسي والحفاظ على مصالحها الاقتصادية مع واشنطن؟