اخبار العالم

الناتو يبدأ مناوراته النووية “ستيدفاست نون 2025” في هولندا بمشاركة 14 دولة

في ظل توترات دولية متصاعدة وتنافس استراتيجي بين القوى الكبرى، أطلق حلف شمال الأطلسي (الناتو) مناوراته السنوية للردع النووي المعروفة باسم “ستيدفاست نون 2025” (Steadfast Noon)، وهي واحدة من أكثر التدريبات حساسية في أجندة الحلف العسكري، تهدف إلى اختبار جاهزية قواته النووية وتعزيز التنسيق بين أعضائه في حال نشوب أي أزمة عالمية تتعلق باستخدام السلاح النووي.

مناورات الناتو النووية 2025: تدريب روتيني ورسالة ردع

بدأت التدريبات هذا الأسبوع في قاعدة فولكل الجوية بهولندا، الدولة المضيفة الرئيسية للنسخة الحالية، بمشاركة 14 دولة من أعضاء الحلف ونحو 70 طائرة عسكرية، بينها مقاتلات قادرة على حمل أسلحة نووية وأخرى مخصصة للاستطلاع والتزود بالوقود والقيادة والسيطرة.

وأكد الحلف أن المناورات “مجدولة مسبقاً” ولا ترتبط بأي توترات سياسية أو عسكرية حالية، مشدداً على أنها لا تتضمن استخدام ذخيرة حية أو رؤوس نووية حقيقية، بل تُجرى لأغراض تدريبية بحتة للحفاظ على الجاهزية النووية والقدرات الدفاعية المشتركة بين الحلفاء.

وقال الأمين العام للناتو مارك روته خلال زيارته إلى القاعدة الهولندية: “إجراء هذه التدريبات بانتظام هو أمر أساسي لضمان أن تبقى قدرات الردع النووي لدينا موثوقة وآمنة وفعّالة. نحن لا نسعى إلى التصعيد، بل إلى الحفاظ على السلام من خلال الردع القوي.”

مواقع المناورات وتفاصيل المشاركة العسكرية

تُجرى العمليات الرئيسية في قاعدة فولكل، بمشاركة عناصر داعمة من قواعد أخرى مثل كلاينه بروغل في بلجيكا ولاكنهيث في المملكة المتحدة، إضافة إلى وحدات دعم من قاعدة سكريدستروب في الدنمارك.

وتشمل التدريبات عمليات محاكاة للطيران النووي، والتزود بالوقود في الجو، وتنسيق الضربات الدفاعية والهجومية الافتراضية بين الدول المشاركة.

ويشارك في هذه المناورات نحو 2000 فرد عسكري من مختلف التخصصات اللوجستية والتقنية.

الناتو يرسل رسالة واضحة لمنافسيه

تأتي مناورات “ستيدفاست نون” هذا العام في وقت يشهد فيه العالم تصاعداً في التوتر بين الغرب وروسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، إلى جانب التنافس المتزايد مع الصين في مجالات التكنولوجيا والدفاع.

ويرى مراقبون أن المناورات تحمل رسالة ردع استراتيجية مفادها أن حلف الناتو ما زال متماسكاً ومستعداً لمواجهة أي تهديد محتمل، سواء نووياً أو سيبرانياً.

ويقول العقيد دانيال بانتش، رئيس عمليات الأسلحة النووية في القيادة العليا للحلف (SHAPE)، إن هذه المناورات تمثل نموذجاً للتعاون العسكري المعقّد بين الدول الأعضاء، موضحاً: “تنظيم مناورات بهذا الحجم يتطلب مستوى عالياً من التنسيق والشفافية، وهو ما يعزز الثقة بين الحلفاء ويظهر استعدادهم لأي سيناريو مستقبلي.”

سياسة الردع النووي: توازن القوة بين الشرق والغرب

تُعد مناورات الناتو النووية جزءاً من استراتيجية الردع التي يتبناها الحلف منذ تأسيسه عام 1949، والتي تقوم على مبدأ أن القدرة على الرد النووي الموثوق هي أحد أهم أسس منع الحرب والحفاظ على التوازن الدولي.

وأوضح جيم ستوكس، مدير سياسات الأسلحة النووية في الناتو، أن الهدف من هذه التدريبات هو تعزيز الشفافية مع الرأي العام العالمي، قائلاً: “نريد أن يفهم العالم أن الناتو لا يسعى إلى سباق تسلح، بل إلى ضمان الأمن الجماعي من خلال الردع المسؤول والمضبوط.”

التناوب في الاستضافة يعزز وحدة الحلف

ومن الجدير بالذكر أن مناورات ستيدفاست نون تتنقل سنوياً بين الدول الأعضاء في الحلف، بما يعكس الروح الجماعية والسياسة الدفاعية المشتركة التي يقوم عليها الناتو.

ويُتوقع أن تستضيف إحدى دول أوروبا الشرقية نسخة العام المقبل، في إشارة رمزية لتعزيز الدفاعات على الجبهة الشرقية للحلف في مواجهة روسيا.

الناتو بين الردع والسلام

رغم الطابع النووي للمناورات، يحرص الناتو على التأكيد أن هذه التدريبات ليست تصعيدية، بل تهدف إلى منع نشوب النزاعات من خلال إظهار الجاهزية والتنسيق بين الحلفاء.

فكل تدريب من هذا النوع، بحسب محللين عسكريين، يُعد تذكيراً للعالم بأن التوازن النووي لا يزال حجر الأساس في استقرار النظام الدولي.

وبينما تستمر المناورات في أجواء أوروبا حتى أواخر أكتوبر الجاري، تتابع العواصم الكبرى  من موسكو إلى بكين  هذه التحركات عن كثب، في وقت يتزايد فيه الحديث عن عودة “عصر الردع النووي” إلى الواجهة مجدداً.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى