
حماس ترفض خطة ترامب لتعيين توني بلير رئيساً لمجلس غزة بعد الحرب وتؤكد تمسكها بالسيادة الفلسطينية
في ظل تصاعد النقاشات حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، أعلنت حركة حماس رفضها القاطع لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تشكيل مجلس انتقالي لإدارة القطاع برئاسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، معتبرة أن الخطة تمثل “تدخلاً سافرًا” في الشؤون الفلسطينية، ومحاولة لإعادة فرض الوصاية الدولية على غزة.
وجاء هذا الموقف بعد أيام من اتفاق شرم الشيخ الذي أسفر عن هدنة مبدئية بين إسرائيل وحماس، شملت ترتيبات للإفراج عن الرهائن الفلسطينيين والإسرائيليين، ما اعتبر خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار، غير أن خطة ترامب للسلام، التي أُعلن عنها أواخر سبتمبر، فجّرت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الفلسطينية والعربية.
حماس ترفض خطة ترامب لإدارة غزة بعد الحرب
أكد القيادي البارز في الحركة أسامة حمدان أن جميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها السلطة الوطنية، ترفض بشكل قاطع أي خطة تمنح أطرافاً أجنبية سلطة إدارة غزة.
وقال حمدان إن «تعيين توني بلير لإدارة القطاع يعد مساساً مباشراً بالسيادة الفلسطينية، ولا يمكن قبوله أو التعامل معه بأي شكل».
وأشار إلى أن الحركة تعتبر المقترح الأمريكي التفافاً على حقوق الشعب الفلسطيني ومحاولة لفرض واقع سياسي جديد يخدم المصالح الإسرائيلية أكثر مما يخدم مسار السلام، مؤكداً أن الفلسطينيين وحدهم من يملكون حق تقرير مستقبل غزة وإدارتها.
تفاصيل خطة ترامب للسلام في غزة
وتنص خطة ترامب، المكونة من 20 بنداً، على تشكيل مجلس سلام انتقالي يقوده ترامب وتوني بلير، يتولى الإشراف على إدارة غزة بعد الحرب، مع نزع سلاح الفصائل وإعادة إعمار القطاع بتمويل دولي تشرف عليه الولايات المتحدة.
لكن الخطة لم تلقَ قبولاً لدى أي من الأطراف الفلسطينية، التي رأت فيها تدخلاً أمريكياً مباشراً في القرار الفلسطيني ومحاولة لتهميش الدور الوطني في إدارة القطاع.
في المقابل، أكد ترامب خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير أن نزع سلاح حماس سيكون أولوية في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية ستبدأ انسحاباً تدريجياً بعد تنفيذ الاتفاقات الأمنية.
كما قال إنه «سيدعم أي حل يتفق عليه الطرفان»، لكنه لم يبدِ موقفاً واضحاً بشأن حل الدولتين، مكتفياً بالقول: «سألتزم بما يتفقون عليه في النهاية».
توني بلير يعود إلى الواجهة وسط تحفظ فلسطيني
إعادة طرح اسم توني بلير، الذي شغل سابقاً منصب مبعوث اللجنة الرباعية الدولية، أثارت موجة من التحفظ داخل الأوساط الفلسطينية. فبلير، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع إسرائيل، واجه انتقادات حادة خلال فترة عمله الدبلوماسي السابقة، حيث اتُّهم بالانحياز الواضح لتل أبيب.
ويرى مراقبون أن اختيار بلير لرئاسة المجلس الانتقالي يعكس رغبة واشنطن في إشراك شخصية دولية مقبولة غربياً، لكنها تبقى «مرفوضة فلسطينياً» نظراً لافتقارها إلى الحياد.
مستقبل غزة بين الرفض الفلسطيني والرؤية الأمريكية
تؤكد تصريحات ترامب أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة صياغة المشهد السياسي في غزة بما يضمن “الاستقرار الأمني” أولاً، في حين تصر الفصائل الفلسطينية على أن أي تسوية لا بد أن تنطلق من مبدأ السيادة الوطنية وحق الشعب في تقرير مصيره.
ويرى محللون أن ما يجري حالياً ليس سوى بداية مرحلة جديدة من الصراع السياسي على مستقبل غزة، فبينما تطرح واشنطن حلولاً انتقالية ذات طابع دولي، تتمسك حماس وفصائل المقاومة بأن الحل الحقيقي يجب أن ينبع من الداخل الفلسطيني لا من الخارج.
وفي ظل هذا التباين الواضح بين الموقفين الأمريكي والفلسطيني، يبقى مستقبل قطاع غزة بعد الحرب مفتوحاً على جميع الاحتمالات، ما بين مشاريع السلام الغربية من جهة، ومطالب الاستقلال والسيادة الفلسطينية من جهة أخرى.