
الجامعات الإماراتية تعيد رسم برامجها لتخريج جيل المهارات وتلبية احتياجات سوق العمل
تشهد الجامعات الإماراتية تحولًا نوعيًا في رؤيتها الأكاديمية مع تسارع التغيرات في سوق العمل العالمي، حيث تتجه نحو تخريج جيل يمتلك المهارات المستقبلية القادرة على مواكبة الثورة التكنولوجية والتحول نحو اقتصاد المعرفة.
هذه الرؤية تتماشى مع استراتيجية الإمارات لبناء اقتصاد قائم على الكفاءات والابتكار، ما جعل مؤسسات التعليم العالي تعيد رسم خريطتها الأكاديمية بالكامل لتلبي احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
جاء ذلك خلال فعاليات معرض نجاح دبي 2025، الذي افتتحه وزير الموارد البشرية والتوطين ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة الدكتور عبدالرحمن العور، بمشاركة أكثر من 100 جامعة من 20 دولة، حيث مثّل الحدث منصة عالمية لعرض أحدث البرامج والتوجهات الأكاديمية المستقبلية.
جيل المهارات.. مستقبل التعليم العالي في الإمارات
أجمع أكاديميون مشاركون في المعرض على أن الجامعات الإماراتية باتت تركز على المهارات التطبيقية والإبداعية، أكثر من التركيز التقليدي على الجوانب النظرية، بهدف إعداد خريجين يمتلكون أدوات الريادة والابتكار.
وأوضحوا أن نسبة الالتحاق بدورات الذكاء الاصطناعي ارتفعت بنسبة 344% خلال العام الماضي، ما يعكس التوجه المتسارع نحو اكتساب المهارات الرقمية المطلوبة في سوق العمل الجديد.
وقالت صالحة المهري، مديرة إدارة القيد والقبول في جامعة دبي، إن الجامعة تعمل على تطوير برامجها الأكاديمية بما يتماشى مع متغيرات السوق، مؤكدة أن مجالات إدارة الأعمال، والضيافة، وتقنية المعلومات، واللوجستيات أصبحت مرتبطة بشكل وثيق بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن عملية التحديث مستمرة لتأهيل خريجين قادرين على الاندماج السريع في بيئات العمل الحديثة.
تخصصات مبتكرة تواكب الثورة التكنولوجية
وفي القطاع الصحي، كشفت الدكتورة مريم دياب من جامعة دبي الطبية عن طرح برنامج جديد يحمل اسم «الطبيب الصيدلي»، الأول من نوعه في الدولة، ويهدف إلى تخريج كوادر تجمع بين مهارات الطب والصيدلة في آن واحد، بما يواكب التحولات المتسارعة في قطاع الرعاية الصحية.
كما أشار رامي كايد من جامعة العين إلى أن الجامعة استحدثت برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأمن السيبراني، وأمن الفضاء الإلكتروني، إلى جانب تطوير البرامج الأكاديمية الحالية لدمج التقنيات الحديثة بها، مؤكدًا أن الجامعات اليوم تتسابق لتقديم تخصصات تتماشى مع وظائف المستقبل بدلًا من التخصصات التقليدية.
وفي جامعة زايد، ذكر علي المنصور أن الجامعة أطلقت برنامجين جديدين في هندسة العمارة وهندسة النظم الذكية استجابةً للطلب المتزايد على المهارات الهندسية المتقدمة، مشيرًا إلى إقبال كبير من الطلبة على هذه التخصصات منذ طرحها.
الجامعات الإماراتية في سباق عالمي نحو المستقبل
من جانبه، قال الدكتور محمد المصلح من جامعة هيريوت وات دبي إن التحولات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين أحدثت نقلة كبيرة في طبيعة الوظائف، مشيرًا إلى أن 60% من الموظفين في الإمارات يشعرون بأن مؤهلاتهم الحالية قد تصبح غير كافية مستقبلًا.
وأضاف أن هذا الواقع يعزز مسؤولية الجامعات في مواءمة مناهجها مع متطلبات القطاعات الاقتصادية الناشئة.
أما مديرة معرض نجاح، ديمة السعدي، فأكدت أن المنافسة بين الجامعات لم تعد تقتصر على عدد البرامج، بل على مدى توافقها مع سوق العمل في الإمارات والعالم، موضحة أن المعرض أصبح منصة حوار مفتوحة بين الجامعات والطلبة لتوجيههم نحو تخصصات تضمن مستقبلًا مهنيًا مستدامًا.
الإمارات تبني اقتصاد المهارات والمعرفة
تعكس هذه التحركات الطموحة من الجامعات الإماراتية توجهًا وطنيًا نحو اقتصاد المعرفة والابتكار، وتأكيدًا على التزام الدولة بإعداد أجيال قادرة على قيادة المستقبل. ومع ازدياد الطلب على المهارات الرقمية، والتخصصات التقنية، والمجالات الصحية المتطورة، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها كمركز تعليمي رائد في المنطقة، وبيئة أكاديمية تستشرف المستقبل.