
التوحد.. اضطراب نمائي له جذور جينية ووعي مجتمعي متزايد
فهم جديد للتوحد بعيداً عن الوصمة
لم يعد التوحد يُنظر إليه كمرض كما يعتقد البعض، بل هو اضطراب نمائي عصبي يؤثر في مسارات الدماغ المسؤولة عن التواصل والسلوك.
هذا ما أوضحه الدكتور عمار البنا، مدير مستشفى الأمل للصحة النفسية، الذي أكد أن 90% من أسباب التوحد تعود إلى عوامل جينية، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن استخدام مصطلح “مرض” لما يحمله من دلالات سلبية تعيق تقبل المجتمع والأسر للأطفال المصابين.
ارتفاع التشخيص بفضل برامج الكشف المبكر
تشير الأرقام إلى أن نسبة انتشار التوحد في العالم العربي تقارب المعدلات العالمية، بمعدل طفل واحد من كل 31.
وقد ارتفعت أعداد الحالات المشخّصة في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى توسع برامج الكشف المبكر مثل “المسح النمائي الوطني” في الإمارات، ما ساعد على التدخل في وقت مبكر وتحسين فرص تطوير المهارات وتعزيز جودة حياة الأطفال.
الأعراض المبكرة للتوحد
عادة ما تبدأ علامات التوحد بالظهور في عمر سنة إلى سنة ونصف، بينما يتم التشخيص في المتوسط عند سن 4 إلى 5 سنوات، وهو وقت يُعتبر متأخراً نسبياً.
ومن أبرز المؤشرات: ضعف التفاعل الاجتماعي، قلة استخدام الإيماءات أو التواصل غير اللفظي، إضافة إلى صعوبات في التعبير عن المشاعر رغم وجودها.
وهنا تأتي أهمية مراجعة طبيب الأطفال فور ملاحظة أي من هذه الأعراض لتحديد التشخيص بدقة أو كشف اضطرابات أخرى مشابهة مثل فرط الحركة أو تأخر النطق.
تأثير التوحد على الأسر والحياة اليومية
رحلة التشخيص تمثل تحدياً نفسياً كبيراً للأهل، وقد تؤدي أحياناً إلى ضغوط أسرية أو خلافات زوجية إذا غاب التوازن في رعاية الطفل.
وتشير دراسات إلى ارتفاع معدلات الطلاق بين الأزواج الذين لديهم أبناء من ذوي التوحد مقارنة بغيرهم.
لذلك يوصي الأطباء بضرورة توفير الدعم النفسي للوالدين، وإعادة توزيع الأدوار الأسرية، ومنح الأهل فترات راحة مؤقتة للحفاظ على توازنهم النفسي.
التجربة الحسية لذوي التوحد
كثير من الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد يواجهون حساسية مفرطة تجاه الأصوات والضوء واللمس.
فالأماكن المزدحمة أو الصفوف الدراسية قد تكون مرهقة بسبب تراكم المثيرات الحسية.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى تهيئة بيئات صديقة لذوي التوحد تراعي احتياجاتهم وتخفف من الضغوط اليومية التي يواجهونها.
التوحد بين الذكور والإناث
التاريخ العلمي للتوحد يكشف أن الأدوات التشخيصية صُممت في بداياتها اعتماداً على دراسة الذكور، ما جعل اكتشاف الاضطراب عند الإناث أكثر صعوبة.
رغم أن النسبة المعلنة تشير إلى 4 ذكور مقابل كل أنثى، إلا أن الأعراض عند الإناث قد تكون أخف وتظهر بشكل مختلف، وهو ما يستدعي تطوير أدوات تقييم تراعي الفروقات بين الجنسين.