
هل سلب الذكاء الاصطناعي دفء التواصل.. متعاملون يشكون من جمود المساعدين الافتراضيين
في ظل التحول الرقمي المتسارع، عبّر عدد من المتعاملين مع الجهات الخدمية والمصرفية عن استيائهم من صعوبة التفاعل مع المساعدين الافتراضيين المخصصين لخدمة العملاء، مشيرين إلى أن هذه التقنية لا ترقى لتلبية احتياجاتهم، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الفهم الإنساني والتجاوب الفعّال.
وأشار هؤلاء إلى أن التجربة مع المساعد الافتراضي غالباً ما تنتهي بالإحباط، حيث يجد المستخدم نفسه مضطراً لإنهاء المكالمة دون تحقيق مبتغاه، أو ينتظر طويلاً لحين تحويله إلى موظف بشري يستطيع التعامل مع استفساراته ومشكلاته بشكل أكثر دقة ومرونة.
وفي استطلاع للرأي ، عبّر المشاركون عن عدم رضاهم عن مستوى خدمة المساعد الافتراضي، مؤكدين حاجتهم إلى دعم أكبر للعنصر البشري ضمن منظومة خدمة العملاء.
وعن تجربته، أوضح المواطن “أبوهزاع” أنه يفضل التحدث مع موظف خدمة عملاء حقيقي على أن يعلق في حوار بارد ومكرر مع مساعد افتراضي لا يقدم حلولاً عملية.
وأضاف أن الوقت الذي يستغرقه للمرور عبر القوائم الصوتية والإجراءات التقنية الطويلة ينتهي غالباً دون نتيجة مُرضية.
من جهته، شدد المواطن “أبوعبدالله” على ضرورة تحسين منظومة الرد الآلي، محذراً من أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي سعياً لتقليل التكاليف قد يؤدي إلى تراجع جودة الخدمة المقدّمة.
وأكد أن التواصل الإنساني المباشر يظل أساسياً لتحقيق رضا المتعاملين.
ولم يختلف رأي كريم محمد، الذي أعرب عن ضيقه من طول مدة الانتظار عبر الهاتف، قائلاً إن المساعد الافتراضي يزيد من الإحباط عندما لا يستوعب طبيعة المشكلة أو يعجز عن تقديم حلول مناسبة، مما يفقد التواصل أي فائدة حقيقية.
بدورهم، شدد آخرون على أهمية تفعيل الدور الإنساني داخل مراكز الخدمة، وتخفيف الاعتماد المفرط على التقنيات الآلية في الرد على استفسارات العملاء.
وعلّق الخبير في الابتكار المؤسسي، أحمد شحروج، قائلاً إن من الضروري مراجعة أداء المساعدين الافتراضيين الحاليين في العديد من المؤسسات، نظراً لضعفهم في تفسير احتياجات المتعاملين وتقديم حلول مباشرة وفعالة.
وأوضح أن كثرة الخطوات والإجراءات الآلية تزيد من تعقيد الخدمة، ما يجعل العملاء يشعرون بالضياع والملل.
كما أشار إلى أن الإنسان بطبيعته يفضل الحديث مع شخص يمكنه التفاعل معه وفهم مشاعره، وهو ما يفتقده المساعد الافتراضي حتى الآن.
وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي شهدته تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي مؤخراً، أكد شحروج أن الحل لا يكمن في الاستغناء عن العنصر البشري، بل في بناء منظومة هجينة تمزج بين الذكاء الاصطناعي المتطور والموظف البشري، لتوفير تجربة أكثر إنسانية وفعالية للمتعاملين.