
الإمارات تعيد تعريف السياحة العالمية.. التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في قلب الضيافة
لم تعد السياحة في الإمارات مجرد تجربة تقليدية، بل تحولت إلى نموذج عالمي يدمج أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي مع البنية التحتية الرقمية المتطورة، لتصنع تجربة ضيافة استثنائية وآمنة تعكس مكانة الدولة كوجهة رائدة على مستوى العالم.
فمنذ سنوات، وضعت الإمارات أسساً رقمية قوية عبر شبكات الجيل الخامس، والخدمات الحكومية الذكية، والبنية التحتية اللاورقية، وهو ما أتاح للقطاع السياحي الاعتماد على أنظمة متقدمة لتحليل البيانات وتخصيص الخدمات للزوار.
اليوم، لم يعد تسجيل الوصول في الفنادق يتطلب أكثر من لمسة على الهاتف، بينما أصبحت الحلول السحابية والتخصيص الذكي جزءاً من تفاصيل الضيافة اليومية.
خبراء القطاع يؤكدون أن الدولة لم تكتفِ بمواكبة التحول العالمي، بل سبقت بخطوات كبيرة، إذ يشير قتيبة العلي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ذا ديجيتال هوتيلير»، إلى أن الإمارات كانت من أوائل الدول التي وضعت أنظمة دخول ذكية لحماية الضيوف، إلى جانب تنظيم متطور لقطاع بيوت العطلات.
ويصف التكنولوجيا بأنها وسيلة استراتيجية لرفع مستوى الأمان، وتعزيز الاستدامة البيئية، بل وفتح المجال أمام نشوء شركات متخصصة تخدم قطاع الضيافة.
هذه الاستدامة باتت ملموسة، حيث حصل أكثر من 150 فندقاً في الدولة على وسم السياحة المستدامة بفضل مبادرات ترتبط بكفاءة الطاقة والحد من الانبعاثات، إضافة إلى تطبيق أنظمة دقيقة لقياس البصمة الكربونية منذ سنوات.
من جانبه، يرى ستايسي صامويل، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في «إشراق للضيافة»، أن التكنولوجيا أصبحت المحرك الأساسي لشكل الخدمات الفندقية، سواء عبر تصميم الحلول، أو إدارة الفرق، أو تفاعل الضيف مع التجربة بأكملها.
ويؤكد أن مستقبل النجاح في هذا القطاع يقوم على دمج البيانات والكوادر والعمليات ضمن رؤية رقمية موحدة، لافتاً إلى أن توقعات الضيوف باتت مرتبطة بالسرعة والموثوقية والملاءمة.
التحولات لم تقف عند حدود الإمارات فقط، فوفقاً لمنظمة السياحة العالمية، فإن تغير أنماط السفر وتوقعات المستهلكين عالمياً عزز الطلب على حلول مبتكرة تحدث ثورة في كيفية استكشاف الوجهات.
وتعتبر المنظمة أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة يمهدان لمرحلة جديدة تُعيد رسم المشهد السياحي بالكامل.
وفي السياق نفسه، توصلت دراسة لجامعة «ملقة» الإسبانية إلى أن الذكاء الاصطناعي يشكّل أداة استراتيجية لتمكين الوجهات السياحية الذكية، من خلال تحسين إدارة البيانات والمبيعات، وتخصيص العروض، وتخفيف أخطاء التنبؤ، إضافة إلى رفع جودة الخدمات وترشيد الموارد، وهو ما يعزز الاستثمار المحلي ويستجيب بشكل ديناميكي لاحتياجات السياح والمقيمين على حد سواء.
الأثر الاقتصادي لهذه الثورة الرقمية ينعكس بوضوح في أرقام عام 2024، حيث بلغت مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الإماراتي 257.3 مليار درهم، أي ما يعادل 13% من الاقتصاد الوطني. كما ارتفع إنفاق السياح الدوليين إلى 228.5 مليار درهم بزيادة 5.2%، فيما نما إنفاق السياحة الداخلية بنسبة 4.3% ليصل إلى 60 مليار درهم.
هكذا، تثبت الإمارات أنها لا تكتفي بجذب السياح عبر شواطئها ومعالمها الفريدة، بل تُعيد ابتكار مفهوم الضيافة، واضعة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في قلب التجربة، لتظل وجهة المستقبل التي تُدهش العالم عاماً بعد عام.