اخبار الامارات

نظارات بعيون خفية.. جدل قانوني وأخلاقي حول “التصوير السري” في الأماكن العامة

لم يعد الخوف من كاميرا الهاتف المحمول وحده؛ اليوم تطرح الأسواق الإلكترونية نظارات أنيقة الشكل لكنها تحمل في عدساتها قدرات خطيرة كالتصوير الفوتوغرافي، و التسجيل الصوتي، والبث المباشر على شبكات التواصل الاجتماعي دون أن يلحظ أحد.

هذه النظارات التي يصعب تمييزها عن العادية، أثارت نقاشاً واسعاً بين القانونيين والخبراء حول خطورتها على خصوصية الأفراد.

مواطنون ومقيمون طالبوا بوضع قيود مشددة على استخدامها في المطاعم، الشواطئ، وصالات الرياضة، مؤكدين أن إمكانية التصوير الخفي تجعل الخصوصية مهددة في أي لحظة.

بعضهم دعا إلى تعليق لافتات تحظر ارتدائها في الأماكن العامة، باعتبارها “عيناً تتجول بين الناس دون إذن”.

الخبراء التقنيون وصفوا الأمر بأنه “خلل اجتماعي محتمل”، إذ يمكن للنظارات أن تسجل محادثات سرية أو تُستغل لإنتاج صور مزيفة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

المهندس عبدالنور سامي، المتخصص في الأمن السيبراني، أوضح أن بعض الإصدارات الأصلية تراعي معايير الخصوصية وتضيء بمؤشر عند التصوير، بينما التقليدية الرخيصة لا تلتزم بذلك، ما يجعلها أداة مثالية للتجسس.

المسألة لم تتوقف عند التقنية، بل وصلت إلى القانون. المحامية هدية حماد شددت على أن الجريمة لا تكمن في بيع النظارات بحد ذاتها، بل في استخدامها للتصوير دون موافقة، وهو ما يعرّض الفاعل لعقوبات صارمة وفق المادة 44 من قانون مكافحة الشائعات، التي تنص على الحبس ستة أشهر على الأقل وغرامة تصل إلى نصف مليون درهم.

وتشمل الانتهاكات تسجيل المحادثات، أو بثها، أو نشر صور حتى لو كانت صحيحة، إذا كان الهدف منها الإضرار بالشخص.

أما المحامي سالم النقبي فحذّر من الترويج التجاري للنظارات باعتبارها “أدوات تجسس”، مؤكداً أن المسؤولية قد تطال البائع إذا شجع على استخدامها بشكل غير مشروع.

وأضاف: “الكاميرا التي تلتقط لحظة قد تسجن صاحبها سنوات، فليست كل صورة بريئة”.

من جانبه، أوضح المحامي سالم الحيقي أن التشريعات الإماراتية لا تكتفي بمحاسبة المستخدم، بل قد تمتد العقوبة إلى البائع إذا تبيّن أن الجهاز غير مرخص أو مخالف للمواصفات المعتمدة، وقد تصل العقوبات إلى السجن والغرامة وإغلاق المنشأة.

وبينما يراها البعض ابتكاراً يسهل توثيق اللحظات اليومية، يعتبرها آخرون “جاسوساً متحركاً” يهدد الخصوصية ويحوّل حياتنا العامة إلى مساحة مراقبة مستمرة.

المفارقة أن بعض المتاجر الإلكترونية تروج لها علناً تحت هذا الوصف، مؤكدة أنها خفيفة الوزن، تعمل باللمس فقط، وتتيح بثاً مباشراً على الهواتف الذكية عبر شبكة واي فاي خاصة بالمستخدم.

في النهاية، تبقى النظارات الذكية مثالاً واضحاً على صراع يتكرر مع كل طفرة تقنية: هل تكون أداة لتسهيل الحياة أم وسيلة لانتهاكها؟

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى