
«أطفال الإنفلونسرز».. شهرة مبكرة تخفي وراءها 5 مخاطر تهدد الطفولة
تتصاعد التحذيرات من اتساع ظاهرة ما يُعرف بـ«أطفال الإنفلونسرز» على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتسابق أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 أو 14 عاماً إلى تقديم محتوى ترفيهي أو إعلاني يجذب ملايين المشاهدات، فيما يرى خبراء وأطباء أن هذه الشهرة المبكرة قد تتحول إلى عبء نفسي واجتماعي خطير يهدد نموهم الطبيعي.
التقارير المتخصصة رصدت خمسة مخاطر رئيسية تواجه هؤلاء الأطفال، أبرزها الاستغلال التجاري المبكر، والتعرض لمشكلات نفسية كالقلق والاكتئاب وضعف تقدير الذات، إضافة إلى التأثير السلبي على النمو الاجتماعي وصعوبة الاندماج الواقعي، وتطبيع انتهاك الخصوصية منذ الصغر، فضلاً عن التنمر الإلكتروني.
ومن هنا برزت دعوات لوضع تشريعات تحد من ظهور الأطفال دون سن 14 عاماً في المحتوى الرقمي العام.
قصص أولياء الأمور كشفت عن تباين واضح في المواقف. بعضهم يرى أن المشاركة في صناعة المحتوى فرصة لتنمية مواهب الطفل وصقل شخصيته، كما أوضحت والدة طفلة عمرها 11 عاماً تنشر محتوى حول الأنشطة اليدوية، فيما شدد آخرون على رفض تام لزجّ أبنائهم في عالم الأضواء، معتبرين أن الطفولة يجب أن تبقى مساحة للعب وبناء العلاقات الواقعية بعيداً عن ضغوط الشهرة.
الأطباء النفسيون دقّوا ناقوس الخطر فزالدكتور رياض خضير أوضح أن الطفل حين يقيس قيمته بعدد الإعجابات يتعرض لارتباك في الهوية ويصبح أكثر عرضة للتوتر والاكتئاب.
وحذّر من أن التعليقات السلبية وضغط الجمهور يتركان جروحاً عميقة في صورة الطفل الذاتية، داعياً الآباء إلى مراقبة أي تغيّرات في المزاج أو النوم أو الأداء الدراسي كإشارات مبكرة على تأثيرات سلبية.
أما الدكتورة أمل أبوالعلا فأكدت أن الانغماس المفرط في الشهرة الرقمية يربك النمو العاطفي والاجتماعي للطفل، ويحرمه من بناء صداقات حقيقية.
وأشارت إلى أن تعزيز قيمة الطفل يجب أن ينطلق من الداخل لا من الأرقام والمتابعات، داعية الأسر إلى توجيه أبنائهم نحو أنشطة واقعية كالرياضة والفنون، مع الحد من زمن الشاشة.
من جانبها، شددت التربوية ليلى أبوطرابي على أن التجربة قد تكون إيجابية إذا جاءت برغبة الطفل وتحت إشراف واعٍ، حيث تسهم في تعزيز الثقة بالنفس وتنمية مهارات التواصل لكنها حذرت من أن الاستغلال التجاري أو فرض الظهور على الطفل يحول التجربة إلى خطر يهدد هويته النفسية وحرمانه من طفولته الطبيعية.
الإطار القانوني لم يغفل هذه القضية فالمحامية أمينة الأحمد أوضحت أن «قانون وديمة» لحماية الطفل في الإمارات يضع خصوصية الأطفال في مقدمة الأولويات، ويمنع نشر صور أو معلومات قد تسيء إليهم أو تُستغل تجارياً، مؤكدة أن الأهل يتحملون المسؤولية الأولى عن حماية أبنائهم رقمياً.
القلق البرلماني حاضر أيضاً فعضو المجلس الوطني الاتحادي منى طحنون اعتبرت أن الانخراط المبكر في عالم الشهرة الرقمية يخلق أجيالاً تقيس قيمتها الذاتية بالأرقام، داعية إلى وضع تشريعات واضحة تحدد سناً أدنى لظهور الأطفال في المحتوى التجاري والتسويقي، مع ضمان رقابة وموافقات رسمية.
وفي ظل تضارب الآراء بين من يصف التجربة بفرصة ذهبية ومن يعتبرها سرقة للطفولة، يتفق الخبراء على أن الحماية تبدأ من وعي الأهل، وأن الطفولة يجب أن تظل بعيدة عن ضغط الأضواء وقيود الشهرة، حتى لا تتحول «الإعجابات» إلى عبء يلاحق الأجيال المقبلة.