دبي ترسخ موقعها المالي العالمي: 368 ألف مستثمر جديد وقفزة قياسية في التداولات
لم يعد المشهد المالي في دبي كما كان قبل ثلاث سنوات؛ فالمدينة نجحت في إعادة رسم خريطتها الاستثمارية لتصبح بوابة استراتيجية بين الشرق والغرب، جاذبةً مئات الآلاف من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وخلال هذه الفترة، ارتفع عدد المستثمرين الجدد في سوق دبي المالي إلى أكثر من 368 ألف مستثمر، بينهم 54 ألفاً خلال العام الجاري وحده، جاء 84% منهم من خارج الدولة، ما يعكس مكانة الإمارة كوجهة أولى لرؤوس الأموال العالمية.
التحولات لم تقتصر على توسع قاعدة المستثمرين، بل طالت الأداء العام أيضاً؛ إذ سجل المؤشر العام لسوق دبي المالي نمواً لافتاً بلغ 20% منذ بداية 2025، ليحافظ للعام الثالث على التوالي على صدارته كأفضل أسواق الخليج أداءً.
كما ارتفعت قيمة التداولات اليومية بنسبة 75% هذا العام، وشكل الأجانب 53% من إجمالي النشاط، وهو إنجاز يحدث للمرة الأولى في تاريخ السوق.
الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي و«ناسداك دبي»، حامد علي، أوضح أن هذه النتائج لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة خطوات استراتيجية، شملت جذب اكتتابات جديدة، وتحديث البنية التحتية الرقمية، وتطوير اللوائح التنظيمية.
وأضاف أن السوق بات اليوم منصة عالمية لإدراج الصكوك وأدوات الدين، بقيمة إجمالية بلغت 532 مليار درهم، فيما رسخت «ناسداك دبي» مكانتها كأكبر منصة دولية لإدراج الصكوك، وأكبر سوق إقليمي لإدراج أدوات الدخل الثابت.
الزخم الدولي انعكس أيضاً على السيولة، التي قفزت بنسبة 77% خلال 2025 مقارنة بالعام الماضي، مع زيادة واضحة في مساهمة المستثمرين المؤسسيين التي بلغت 71% من إجمالي قيمة التداولات.
ويؤكد علي أن هذه المؤشرات تمثل شهادة ثقة من الأسواق العالمية بدبي، باعتبارها مركزاً مالياً يتمتع بالشفافية والابتكار، وقادراً على تحويل التحديات العالمية مثل تقلبات الأسعار وأسعار الفائدة إلى فرص للنمو.
ومع تسارع وتيرة الابتكار، دخل الذكاء الاصطناعي على خط الخدمات الاستثمارية؛ إذ كشف «دبي المالي» عن إدماج أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل «الإفصاحات الذكية» و«موجز البيانات المالية» في تطبيق «آيفستر»، الذي يقدم خدمات شاملة تشمل التداول والتحويلات والمشاركة في الاكتتابات، ليمنح المستثمرين تجربة رقمية متقدمة أكثر سرعة وفاعلية.
وفي موازاة ذلك، تواصل السوق التوسع في إدراج أدوات الدين المستدامة؛ حيث بلغت القيمة الإجمالية للصكوك والسندات الخضراء المدرجة في «ناسداك دبي» نحو 98.8 مليار درهم.
ويؤكد علي أن هذا التوجه يتماشى مع «خطة الاستدامة الاستراتيجية 2025»، التي تهدف إلى تعزيز ممارسات الحوكمة والمسؤولية البيئية والاجتماعية، بما يتماشى مع أبرز المعايير العالمية.
كما لم تغفل السوق تعزيز شراكاتها الدولية، إذ أبرمت اتفاقيات تعاون مع كبرى البورصات العالمية، بينها «بورصة شنزن الصينية»، لفتح المجال أمام الإدراج المزدوج وتطوير منتجات مالية جديدة.
ويشير علي إلى أن هذه الخطوات تعزز موقع دبي كجسر مالي يربط بين الاقتصادات العالمية، ويمنح الشركات والمستثمرين فرصاً غير مسبوقة.
اليوم، يقف سوق دبي المالي و«ناسداك دبي» على أعتاب مرحلة جديدة، حيث تتداخل الرقمنة مع الاستدامة، ويجتمع رأس المال المحلي والدولي في منظومة استثمارية متكاملة، تجعل من دبي ليس فقط مركزاً مالياً إقليمياً، بل وجهة عالمية رائدة في صناعة المستقبل المالي.