امرأة إماراتية تصنع التاريخ: سميرة آل علي أول عميد في شرطة دبي

في خطوة تاريخية ستظل علامة مضيئة في مسيرة المرأة الإماراتية، ارتقت سميرة عبدالله آل علي لتصبح أول سيدة تصل إلى رتبة عميد في شرطة دبي منذ تأسيسها عام 1956، مؤكدة أن هذه اللحظة ليست تكريماً شخصياً فحسب، بل مسؤولية مضاعفة للاستمرار في خدمة الوطن بجد وإخلاص.

ترى آل علي أن هذه الترقية تمثل انعكاساً واضحاً لرؤية القيادة الرشيدة التي آمنت بقدرات المرأة وفتحت أمامها أبواب التميز في مختلف الميادين، مشيرة إلى أن المجال العسكري يمنح المرأة المتميزة تقديراً خاصاً وفرصاً غير محدودة للمشاركة في صناعة الفارق.

رحلة سميرة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، حين اختارت أن تخوض تجربة غير مألوفة بعد تخرجها في جامعة الإمارات بتخصص التأمين.

لم يكن العمل الشرطي ضمن خططها، لكنها سرعان ما وجدت نفسها في قلب تجربة استثنائية حولت مسارها المهني، إذ التحقت عام 1994 بمكتب صغير للتأمين في شرطة دبي، لم يكن يضم سوى موظفين اثنين، قبل أن تسهم برؤيتها وجهودها في تحويله إلى إدارة متكاملة تغطي جميع الأصول والممتلكات الشرطية، من الطائرات بدون طيار وحتى الكلاب البوليسية.

إنجازاتها لم تتوقف عند تطوير المنظومة التأمينية، بل امتدت إلى تحقيق وفورات مالية تجاوزت 114 مليون درهم، عبر سياسات رشيدة للتغطية التأمينية وترشيد الإنفاق، إضافة إلى مشاريع ابتكارية مثل نظام التأمين الذكي “كايزن” ومبادرات توعوية كـ”نجوم القيادة الآمنة” التي ساهمت في خفض حوادث مركبات الشرطة، وحصدت إشادات دولية.

ولأن المستقبل يصنعه المبدعون، كشفت آل علي عن مشروع جديد تسعى من خلاله إلى وضع إطار تأميني للسيارات ذاتية القيادة، معتبرة أن هذا التحدي يفتح آفاقاً غير مسبوقة أمام قطاع التأمين في ظل التطور المتسارع للتقنيات والذكاء الاصطناعي.

تؤمن العميد سميرة بأن سر نجاحها يكمن في العمل بروح الفريق، وتحفيز الكفاءات، وتمكين المرأة داخل المؤسسة الأمنية، مؤكدة أن البيئة الشرطية في دبي شكلت لها مساحة للإبداع والتميز، ومكنت فريقها من تقديم ابتكارات ومبادرات وصلت صداها إلى مؤتمرات عالمية.

على الصعيد الشخصي، تعترف آل علي بأن عملها في الشرطة غيّر شخصيتها ومنحها انضباطاً انعكس إيجاباً على حياتها الأسرية والاجتماعية.

ورغم مسؤولياتها، تحرص على ممارسة هوايتها المفضلة في تركيب العطور، فيما تعتبر ابنها محمد، المهندس الكيميائي، امتداداً لقيم التميز التي سعت لغرسها.

إن مسيرة العميد سميرة آل علي ليست مجرد قصة نجاح فردية، بل رسالة قوية لكل فتاة إماراتية مفادها أن الثقة بالنفس والالتزام بالعمل الجاد يفتحان الطريق إلى المستحيل. وكما تقول: “المجال العسكري يقدّر المرأة المتميزة ويمنحها الفرص لتكون شريكاً حقيقياً في خدمة الوطن”.