
من خلطة والدها إلى براءة اختراع.. إماراتية تضع الشاي في قلب الابتكار والاستدامة
في عالم تحكمه نكهات القهوة وثقافتها المنتشرة، اختارت الشابة الإماراتية فاطمة الموسوي أن تمنح الشاي مكانته المستحقة، مستندة إلى إرث عائلي يبدأ من وصفة سرية كان والدها يمزجها بحب، ويشاركها مع العائلة كل شهر، لتصبح لاحقاً حجر الأساس لعلامتها التجارية التي تحمل الهوية الإماراتية في كل كوب.
لم يكن الشاي بالنسبة لفاطمة مجرد مشروب، بل مصدر إلهام قادها إلى دراسة علوم البيئة والطاقة المستدامة بجامعة زايد، حيث ولدت فكرة مبتكرة لتحويل مخلفات الشاي إلى أداة لتنقية المياه.
المشروع بدأ كبحث جامعي، لكنه تطوّر ليحصل على جوائز وبراءة اختراع، ويقترب من التنفيذ الفعلي، في خطوة تهدف إلى خلق دورة اقتصادية صديقة للبيئة، تعيد للنبتة ما قدمته للإنسان.
وإيماناً بمفهوم «صفر نفايات» في صناعة الشاي، أسست الموسوي مبادرة «سلسلة طاقة الشاي» بالتعاون مع شركة محلية في دبي، لتحويل أوراق الشاي المستهلكة إلى سماد عضوي، مستثمرة حقيقة أن الشاي ثاني أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم بعد الماء، وأن كميات النفايات الناتجة عنه ضخمة.
رحلة الشابة الإماراتية مع الشاي أخذت منحى أكثر احترافية عندما حصلت عام 2024 على اعتماد «رابطة خبراء الشاي الدوليين» في أميركا، لتصبح أول شخص في الخليج العربي ينال هذا الاعتراف مما فتح أمامها الباب لاختبار زراعة الشاي محلياً، رغم تحديات المناخ، مستعينة بتقنيات التحكم في التربة والرطوبة ودرجات الحرارة.
تؤكد فاطمة أن أكبر التحديات التي تواجهها لا تكمن في الإنتاج أو الجودة، بل في نشر ثقافة الشاي المختص، وتصحيح المعلومات المغلوطة عن طرق تحضيره وهي ترى أن كثيرين يظلمون هذا المشروب بغليه بطريقة تفقده فوائده، بينما لكل نوع منه درجة حرارة ونقع محددة يجب الالتزام بها، لضمان المذاق والفائدة معاً.
اليوم، تجاوزت منتجاتها حدود الاستهلاك الفردي لتصل إلى جهات حكومية وخاصة، فيما تواصل فاطمة العمل على مشاريعها بين التقاليد العريقة وفنون الابتكار، لتبرهن أن كوب الشاي يمكن أن يكون بوابة إلى الريادة، والهوية، والاستدامة في آن واحد.