هندة صليح…فتاة عربية تحلّق في سماء العالمية وتكتب اسمها في تاريخ الطيران الحر
في قلب نفق الرياح العملاق في “كلايم جزيرة ياس” بأبوظبي، تقف هندة صليح، بثبات العارف وشغف الحالم، لتثبت للعالم أن الطيران ليس حكراً على أحد، وأن السماء تتسع للجميع.
المغربية الطموحة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، كأول امرأة في العالم تحصل على المستوى الرابع في الطيران الداخلي الحر، أعلى تصنيف تمنحه الرابطة الدولية للطيران الحر، لتكون بذلك أيقونة جديدة من أيقونات الإنجاز النسائي العربي.
بخطى واثقة بدأت رحلتها من مقاعد دراسة القانون إلى السماء المفتوحة، لتصنع قصة غير تقليدية، كسرت فيها التوقعات وقلبت الموازين.
ما بدأ كتجربة عابرة في الطيران الداخلي، تحوّل سريعاً إلى شغف عميق، دفعها لتغيير مسار حياتها بالكامل. التحدي كان كبيراً، خصوصاً أنها امرأة في مجال يسيطر عليه الذكور، ويُنظر إليه كاختصاص بدني يتطلب قوة تحمل ومهارة عالية.
لكن هندة لم تتوقف أمام الصعاب، بل كانت ترى فيها فرصاً للإثبات لا عقبات، وتقول إن تلك التحديات شكّلت مصدر إلهام يومي لها، بل ودفعتها إلى تجاوز كل حواجز التوقعات المجتمعية والثقافية، لتصبح ليس فقط أول مدربة عربية للطيران الداخلي، بل أيضاً أول من يبلغ القمة عالمياً.
رحلة صليح لم تكن سهلة، فالحصول على المستوى الرابع لا يتعلق بالطيران فقط، بل يتطلب إتقاناً عميقاً لتقنيات النفق الهوائي، وفهماً دقيقاً لتدفق الهواء ومعايير السلامة، إضافة إلى القدرة على تدريب وتقييم مدربين آخرين من مختلف الجنسيات والمستويات.
اجتازت اختبارات شاقة، واستثمرت مئات الساعات داخل النفق الهوائي، لتنال هذا التصنيف النادر.
وفي حديثها ، أعربت عن فخرها بهذا الإنجاز الذي وصفته بـ”البداية الجديدة”، وليس نهاية الطريق فهي اليوم تسعى لتطوير مهاراتها في الطيران الديناميكي، والمساهمة في تحديث أساليب التدريب داخل مركز “كلايم”، حيث تعمل كمدربة ضمن فريق محترف يضم نخبة من الرياضيين العالميين.
ومن المواقف الطريفة التي تحكيها صليح، تلك اللحظات التي تخلع فيها الخوذة بعد جلسة طيران قوية، لتفاجئ الحضور بأنها فتاة، بل ومحجبة أيضاً، وهو ما يثير دهشتهم وإعجابهم في آنٍ واحد.
وتقول بابتسامة: “أحب تلك النظرات المندهشة هي لحظتي المفضلة لكسر الصورة النمطية، ولأُثبت أن لا شيء مستحيل”.
تؤمن هندة أن وجودها في هذا المجال ليس فقط من أجل الإنجازات الفردية، بل لأداء دور أكبر في إلهام الجيل الجديد، وفتح الأبواب للنساء في عالم الطيران الحر وهي لا ترى سقفاً لطموحاتها، بل تعتبر أن السماء وحدها هي الحدود.