سميرة آل علي.. عميد الإرادة الحديدية في شرطة دبي

سجلت العميد سميرة عبدالله آل علي محطة فارقة في تاريخ القيادة العامة لشرطة دبي، بعد أن أصبحت أول امرأة تُمنح رتبة “عميد” منذ تأسيس الجهاز الأمني في عام 1956، لتُجسد بذلك نموذجاً فريداً للمرأة الإماراتية القادرة على كسر الحواجز والارتقاء إلى أعلى المراتب.

جاءت الترقية ضمن دفعة من الأوامر الصادرة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في 17 يوليو الجاري، لترتقي عدداً من الكفاءات إلى الرتب الأعلى، وكانت من بينهم العميد آل علي، التي خدمت في شرطة دبي لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وراكمت خلالها إنجازات نوعية في الإدارة والمبادرات والابتكار المؤسسي.

سميرة آل علي شغلت منصب رئيس إدارة التأمينات في شرطة دبي، وتمكنت من تطوير هذا القطاع بفعالية عالية، حيث ساهمت في تطبيق أفضل النماذج العالمية، وإدخال مفاهيم حديثة في أنظمة التأمين، بما يخدم ممتلكات ومقدرات الشرطة، ويرفع من كفاءة العمل المؤسسي.

وحصدت في مسيرتها العديد من الجوائز الفردية والجماعية، ما يعكس التزامها المتواصل بالجودة والابتكار.

عبرت العميد عن امتنانها العميق للثقة التي منحتها القيادة الرشيدة، مؤكدة أن هذا الإنجاز ليس شخصياً فقط، بل يمثّل مصدر فخر لكل امرأة تخدم في سلك الشرطة.

كما شكرت القيادة الأمنية في دبي على دعمها المتواصل، لا سيما الفريق ضاحي خلفان تميم والفريق عبدالله خليفة المري، الذين آمنوا بإمكاناتها طيلة مسيرتها.

تحدثت العميد آل علي عن بدايتها المهنية، مشيرة إلى أنها تخرّجت من جامعة الإمارات في عام 1991 بشهادة بكالوريوس في التأمين، ثم بدأت عملها في القطاع الخاص، قبل أن تقرر الانضمام إلى شرطة دبي بعد رؤيتها إعلاناً عن دورة تأهيلية للعنصر النسائي.

خلال الدورة، تم ترشيحها للعمل في التأمينات بسبب تخصصها وخبرتها، ومن هناك بدأت مسيرة بناء إدارة متكاملة انطلقت من مكتب صغير يضم موظفَين فقط، حتى تحوّلت إلى إدارة كاملة تحتوي على ثلاثة أقسام رئيسية تُعنى بكل ما يخص التأمين داخل الشرطة.

ساهمت العميد آل علي في إحداث نقلة حقيقية في قطاع التأمينات بشرطة دبي، حيث توسعت الخدمات لتشمل الطائرات من دون طيار، وإصابات العمل للمتطوعين، والتأمينات الطبية للكوادر الصحية، إلى جانب تحديث مستمر للعقود والممارسات بما يواكب التطورات التقنية والمهنية.

وبالإضافة إلى دورها الإداري، شاركت في قيادة العديد من المبادرات النوعية، مثل “نجوم القيادة الآمنة” و”وعيهم ضمان”، ونالت بفضلها جوائز محلية ودولية مرموقة، منها جائزة السبع نجوم من مركز أبحاث التميز في نيوزيلندا، وجائزة أفضل فريق إداري من شرطة دبي.

تلعب العميد دوراً محورياً في تمكين المرأة داخل شرطة دبي من خلال ترؤسها لجنة “الدانة النسائية”، وتشارك في لجان ومبادرات مجتمعية أخرى داخل الدولة وخارجها.

كما أنها أمّ لابن يعمل في مجال الهندسة الكيميائية، وتحرص على تحقيق توازن ناجح بين مسؤولياتها العائلية والمهنية، مستندة إلى قيم الانضباط والتخطيط التي غرستها فيها المؤسسة الأمنية منذ التحاقها بها.

تشجع العميد فريق عملها، الذي يضم 22 موظفاً بينهم ثلاث نساء، على الاجتهاد والتفاني، وتحثهم دائماً على الإيمان بقدراتهم والسعي نحو التميز دون تردد أو تراجع.

وتحمل في سجلها 19 مصنفاً فكرياً، من بينها علامات تجارية لمبادرات تطويرية في السلامة والتأمين، وقدّمت عشرات المحاضرات التوعوية للطلبة والموظفين، إلى جانب إشرافها على مبادرات توعوية في الخدمة الوطنية.

كما شاركت في أكثر من 160 دورة ومؤتمراً، وقدّمت استشارات وخدمات نفع منها أكثر من 21 ألف شخص.

في رصيدها أيضاً 392 ميدالية وشهادة شكر وتقدير، وشهادات أكاديمية أبرزها ماجستير في إدارة الأعمال ودبلوم في تكنولوجيا المعلومات، كل ذلك يؤكد أن مسيرتها لم تُبنَ فقط على الطموح، بل على الجهد والالتزام والقيادة الحكيمة.

إن ارتقاء سميرة آل علي إلى رتبة “عميد” ليس فقط تتويجاً لمسيرتها، بل هو أيضاً رسالة واضحة مفادها أن المرأة الإماراتية قادرة على صنع الفارق في كل ميدان، حتى في أكثر القطاعات انضباطاً وتحدياً.