اخبار العالم

الوداع الوردي..البحيرات الأسترالية تتحول إلى لغز بيئي حيّر العلماء  

في قلب المناظر الخلابة لغرب أستراليا، حيث تتعانق الشواطئ الفيروزية مع الصحارى الذهبية، تظهر بقع مائية بلون وردي ساطع أشبه بلوحات خيالية، إنها البحيرات الوردية الشهيرة التي أسرت الأعين وألهمت الفنانين والمسافرين على حد سواء، لكن هذا الجمال الفريد لم يعد كما كان، إذ بدأت ملامحه تتغير وسط قلق متزايد من العلماء والمجتمعات المحلية بشأن مصير هذه الظاهرة الطبيعية.

وراء اللون الوردي المذهل تختبئ طحالب دقيقة تُعرف باسم دوناليلا سالينا،فهذه الكائنات المجهرية قادرة على إنتاج صبغات كاروتينية مكثفة عند تعرّضها لدرجات ملوحة عالية وحرارة مرتفعة، مما يمنح المياه لونها الوردي الفاتن، غير أن هذا التوازن البيئي هش للغاية، إذ يكفي تغيير طفيف في الظروف المحيطة حتى يتلاشى اللون تدريجياً.

خلال السنوات الماضية، رُصدت تحولات لونية مقلقة في بعض أشهر هذه البحيرات، مثل بحيرة “هَت”، التي بدأت مياهها تميل إلى اللون الأزرق أو تصبح شفافة كليًا.

ويرجع العلماء هذا التحول إلى عوامل بيئية معقدة تشمل تأثيرات التغير المناخي، وانخفاض معدلات الأمطار، والتدخلات البشرية المتزايدة مثل عمليات التعدين وسحب المياه، ما أخلّ بالتوازن الطبيعي وغيّر من مستوى الملوحة الضروري لنمو الطحالب الوردية.

التغير المفاجئ في لون هذه البحيرات لم يكن مجرد مسألة جمالية؛ بل شكل لغزًا علميًا أثار فضول الباحثين. فهذه المسطحات المالحة تُعد من أغنى النظم البيئية، إذ تؤوي أنواعاً نادرة من الطيور، والقشريات، والرخويات التي لا تعيش إلا في بيئة ذات ملوحة مرتفعة.

كما تُستخدم هذه البحيرات كنماذج لمحاكاة ظروف الحياة على كواكب أخرى مثل المريخ، بفضل خصائصها الفريدة.

ومع تزايد وتيرة التغيرات، عبّر مختصون مثل الدكتور أنجوس لوري من جامعة كيرتن عن قلقهم الشديد، مؤكدين أن “الخطر الأكبر على هذه البيئات الطبيعية ليس المناخ فحسب، بل النشاط البشري الذي يتجاهل أهمية هذه النظم الحساسة”.

ويضيف أن غياب الفهم العلمي الكافي لدورة حياة هذه البحيرات قد يُسهم في تسريع اختفائها.

ما بين سحر وردي يخطف الأنظار، وخطر بيئي داهم، تقف البحيرات الوردية في أستراليا أمام مفترق طرق، في انتظار وعي بشري قادر على إنقاذها قبل أن تختفي من الوجود.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى