اخبار الامارات

«نكهات من القلب».. مطعم هندي عائلي يحفظ عبق الماضي في قلب الفهيدي منذ 1968  

وسط الأزقة القديمة في منطقة الفهيدي التاريخية بدبي، تنبعث رائحة الكاري والتوابل الهندية التي تحمل في طياتها قصة نجاح استثنائية، بدأت منذ ما يزيد على خمسة عقود.

هناك، يواصل مطعم «جوشي» مشواره العائلي الذي بدأ في ستينيات القرن الماضي، محافظاً على نكهته التراثية وأصالته التي لا تزال تلامس قلوب الزائرين حتى اليوم.

المطعم، الذي اشتهر بتقديم الأطباق النباتية الهندية، توارثته العائلة من جيل إلى جيل، وتحوّل مع مرور الزمن إلى أحد أبرز المعالم الشعبية التي تجذب الزوار في المنطقة. التصميم البسيط للمكان، وقائمة الطعام التي لم تتغير كثيراً منذ بداياته، يجعلان الزائر يشعر وكأنه عاد إلى حقبة الزمن الجميل.

يتذكر يوجيش جوشي، الذي تولى إدارة المطعم بعد والده وجده، البدايات المتواضعة للمشروع، عندما كان يُدار من المنزل قبل أن يتم افتتاح أول فرع له، ثم الثاني في منطقة الفهيدي.

ويؤكد أن تلك الفترة كانت مختلفة تماماً، سواء من حيث القوانين أو تكاليف الإيجار أو حتى سهولة تأسيس المشاريع الصغيرة.

ويضيف أنه كان يعمل في مطار دبي ويعود بعد دوامه للمساعدة في المطبخ، في وقت كانت الحياة فيه بسيطة والمطعم يعتمد على تقديم وجبات نباتية بالكامل، كما هو الحال حتى اليوم.

جييش، نجل يوجيش، والذي يدير حالياً العمليات اليومية للمطعم، يرى أن ما يميز دبي هو القواعد الصارمة التي تعزز معايير النظافة والسلامة، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على جودة الخدمة والطعام.

ويضيف أن قائمة الطعام مازالت وفية لجذورها، مع إدخال بعض اللمسات الحديثة في النكهات والخضراوات والحلويات، دون المساس بالأصالة.

ويستعد حالياً لافتتاح فرع جديد في منطقة البرشاء، يُتوقع أن يكون مختلفاً كلياً من حيث الشكل والمحتوى، فيما يظل اسم «جوشي» ثابتاً كعلامة عائلية عريقة.

ورغم التحولات العمرانية وظهور مناطق جذب جديدة في دبي، يؤكد جييش أن الفهيدي لا تزال تحتفظ بخصوصيتها، وأن للمكان قيمة عاطفية لا تُقدر بثمن، حيث تربت فيها العائلة ونشأت الذكريات الأولى، مضيفاً أن الحفاظ على المطعم في هذه المنطقة هو جزء من الوفاء للإرث العائلي.

من جهة أخرى، يشير جييش إلى أن التحديات في السابق كانت من نوع مختلف، حيث لم تكن هناك مطاعم كثيرة، وكان الطلب مرتفعاً خصوصاً في المناسبات الهندية.

أما اليوم، فيتم توفير المواد الأولية من داخل الإمارات إلى جانب استيرادها من الهند، ما ساعد في تحسين جودة الطهي وتنوعه، مؤكداً أن المطعم تطوّر كثيراً لكنه لا يزال يحمل طابع العائلة وروحها.

ومن المواقف التاريخية التي لا تُنسى، يتحدث يوجيش بفخر عن زيارة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، لمطعمهم في بداياته، ما شكل دعماً معنوياً كبيراً للعائلة.

أما على مستوى الزبائن، فقد نجح «جوشي» في كسب قلوب مختلف الجنسيات، بما في ذلك مواطنون إماراتيون وسياح من أنحاء العالم. ويؤكد جييش أن المطعم يقدم الثقافة الهندية بكل تفاصيلها، لا سيما من خلال أطباق تقليدية بسيطة مثل “مونتال”، الذي يُعدّ من أكثر الأطباق طلباً رغم تواضع مكوناته.

قصة «جوشي» ليست مجرد حكاية مطعم، بل حكاية إرث، ونكهات تحفظ الزمن، وجهود عائلة آمنت بالحلم منذ أكثر من نصف قرن، ولا تزال تحمله بروح المحبة والوفاء للمكان والناس.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى