نقلة تشريعية جديدة في دبي: تعديل قانون الصلح يعزز كفاءة منظومة التسوية الودية
في خطوة جديدة نحو تطوير البيئة القانونية في إمارة دبي، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله”، القانون رقم (9) لسنة 2025، الذي يُعدّل بعض أحكام القانون رقم (18) لسنة 2021 الخاص بتنظيم أعمال الصلح في الإمارة.
ويأتي هذا التعديل ضمن جهود مستمرة لتحديث الأطر التشريعية، بما يعزز من فاعلية النظام القضائي ويُرسّخ مبدأ التسوية الودية كخيار أولي لحل النزاعات المدنية والأسرية.
توسيع نطاق الصلح وحدود الاستثناء
تطرقت المادة الخامسة إلى أنواع المنازعات التي يتوجّب عرضها على مركز التسوية الودية، ومن أبرزها تلك التي يحدّدها رئيس محاكم دبي، ومنازعات الأحوال الشخصية، إضافة إلى القضايا التي يتفق أطرافها على تسويتها ودياً. كما يمكن للمحاكم تحويل بعض الدعاوى لهذا المركز في حال وجود اتفاق بين المتقاضين.
في المقابل، استثنت المادة ذاتها عدداً من القضايا من إمكانية الصلح، كالدعاوى المستعجلة، ومسائل الوصية والإرث، وقضايا إثبات الزواج أو الطلاق، وكذلك النزاعات الخارجة عن اختصاص محاكم دبي أو التي يمنع القانون تسويتها بالصلح.
آليات مرنة وإجراءات رقمية
أما المادة السادسة، فسلّطت الضوء على الإجراءات الجديدة المعتمدة للنظر في المنازعات داخل مركز التسوية الودية ولجنة الإصلاح الأسري، حيث تُعالج القضايا من خلال النظام الإلكتروني لمحاكم دبي، وتُشرف عليها كوادر متخصصة بإدارة العملية بشكل سَلِس وفعّال، مع إمكانية الاستعانة بخبراء فنيين لتقديم الرأي المتخصص عند الحاجة.
وفي حال تم التوصل إلى اتفاق صلح، تُوَثَّق الاتفاقية وتُمنَح قوة السند التنفيذي بعد اعتمادها، مما يمنحها قوة تنفيذية توازي الأحكام القضائية.
صلاحيات واضحة وتنظيم دقيق
أوضح القانون المُعدَّل أدوار وصلاحيات الجهات المسؤولة، مثل الجهة الحكومية المعنية أو الجهات المرخّصة، كما فصّل مهام رئيس المحاكم الابتدائية وإجراءات قيد المنازعات، وآلية تقديم الدعاوى التي يجب عرضها على الصلح مبدئياً.
حماية قانونية ودقة تنظيمية
نصّت المادة (27) على شروط اعتماد اتفاقيات الصلح، ووضعت مهلة محددة لتقديم التظلّم من قرار الاعتماد، وهي خمسة أيام فقط من تاريخ توقيع الاتفاقية، في حال وجود غش أو تدليس، مع تأكيد أن الحكم الصادر بشأن التظلّم يكون نهائياً وغير قابل للطعن.
كما قيّدت عملية الحصول على نسخ من اتفاقيات الصلح، بحيث تُسلَّم فقط للأطراف المعنية، ولا تُمنَح نسخة بديلة إلا بأمر قضائي، حفاظاً على خصوصية الأطراف وسرية الوثائق.
شروط لقبول الدعاوى ورسوم محددة
اشترطت المادة (28) عدم قبول أي دعوى تندرج ضمن اختصاص التسوية الودية قبل المرور بمركز التسوية أو لجنة الإصلاح الأسري. كما حددت المادة (30) رسوم قيد المنازعة واعتماد اتفاقيات الصلح.
تعزيز ثقافة التسوية الودية
يهدف هذا التعديل القانوني إلى ترسيخ ثقافة الصلح كوسيلة مثلى لتسوية الخلافات، وتقديم بدائل فعّالة وسريعة للفصل في النزاعات، مع الحفاظ على العلاقات التعاقدية والتجارية بين الأفراد والشركات، بما يعكس رؤية دبي في تحقيق بيئة قانونية مرنة، تحمي الحقوق وتُبَسّط الإجراءات.
وينص القانون على سريانه من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، ليبدأ سريانه فوراً، تعزيزاً لمسيرة تطوير منظومة العدالة المدنية في الإمارة.