اخبار الامارات

«عيون الحقيقة».. كيف تكشف المختبرات الجنائية في رأس الخيمة أسرار السموم والمخدرات

وسط تصاعد التحديات المرتبطة بالجرائم الحديثة وتطوّر أساليب التهريب والتعاطي، تلعب المقدم سهيلة تيسير إخميس، ضابط فرع السموم والمخدرات في المختبر الجنائي بشرطة رأس الخيمة، دوراً محورياً في دعم العدالة من خلال تحليل العينات البيولوجية للكشف عن المخدرات والسموم والمؤثرات العقلية، باستخدام تقنيات متقدمة ومعايير عالمية دقيقة.

وخلال حديثها في تصريحات صحفية، شددت المقدم سهيلة على أن العمل الجنائي لا يقوم فقط على الكفاءة التقنية، بل على التزام صارم بالقيم الأخلاقية والمهنية، مؤكدة أن هذه القيم تمثل العمود الفقري في التعامل مع الأدلة البيولوجية شديدة الحساسية.

واستعرضت إخميس إحدى أبرز تقنيات المختبر، وهو نظام «اللمس» لإدارة المعلومات، الذي يتيح تتبع حركة العينات إلكترونياً منذ لحظة استلامها وحتى صدور التقرير النهائي، ما يضمن توثيقاً دقيقاً لكل خطوة ويقلل من احتمالات الخطأ البشري.

ويعتمد المختبر على أجهزة عالية الدقة، مثل الكروماتوغرافيا الغازية ومطياف الكتلة، القادرة على اكتشاف كميات ضئيلة جداً من المواد المحظورة، وتحليل تركيبها بدقة بالغة، إلى جانب أجهزة المقايسات المناعية المستخدمة للفحص الأولي السريع.

كما أوضحت أن التحاليل تشمل عينات مختلفة مثل الدم، البول، والسائل الزجاجي، بهدف كشف ملابسات حالات الوفاة، والتعرف إلى المواد المتناولة، وتحديد تركيز الكحول أو المؤثرات العقلية في الجسم.

وتعالج وحدة السموم والمخدرات مجموعة واسعة من القضايا، من بينها حالات الاشتباه في التعاطي، والتحقيقات المتعلقة بالوفيات الغامضة، والتسمم بالمواد السامة، أو التعرّض للغازات المتطايرة مثل أول أكسيد الكربون.

وأشارت إلى أن أحد المبادئ الراسخة في العمل هو الحفاظ على السرية المطلقة، فلا يتم تسريب أي معلومات أو نتائج سوى للجهات المخوّلة قانونياً، بما يضمن احترام خصوصية الأفراد وسير العدالة بسلاسة ونزاهة.

وترى أن إعداد التقارير الجنائية يجب أن يستند حصرياً إلى النتائج المخبرية المجردة، بعيداً عن أي مؤثرات خارجية، مع الالتزام المطلق بالدقة والشفافية، وتحمل المسؤولية المهنية في حال حدوث أي خلل تقني.

ومن بين أبرز التحديات التي يواجهها المختبر ظهور أنواع جديدة من المواد المخدرة، يصعب كشفها أو تحديد تركيبها لغياب مراجع علمية معتمدة عنها، ما يتطلب استجابة مرنة وتطويراً مستمراً لأدوات التحليل والبرمجيات المتخصصة.

وتلفت المقدم سهيلة إلى أن المجرمين باتوا يتبعون أساليب معقدة جداً لإخفاء المواد المخدرة، أو تغيير بنيتها الكيميائية، ما يدفع المختبر إلى الاستمرار في رفع كفاءة الفحوص والتقنيات، لمجاراة هذا التطور المتسارع في عالم الجريمة.

وفي خطوة نوعية، تعاون فرع السموم والمخدرات مع مؤسسات دولية مختصة، لتنظيم أول مؤتمر دولي للطب الشرعي والأدلة الجنائية في رأس الخيمة، استقطب خبراء ومختصين من مختلف أنحاء العالم، وكان الأكبر من نوعه على مستوى الخليج.

ويُعدّ هذا الفرع من أكثر الوحدات التخصصية أهمية ضمن المختبر الجنائي، نظراً لدوره الحيوي في كشف الحقائق المخفية داخل العينات، بما يدعم جهود مكافحة المخدرات والسموم وفقاً للقانون الاتحادي، مع الالتزام الكامل بالمعايير الدولية للجودة والاعتماد وسرية البيانات.

تثبت هذه الجهود أن خلف كل قضية جنائية معقّدة، يقف فريق محترف يعمل في صمت، يحمل أمانة الحقيقة بين يديه، ليقدّمها للعدالة نقية لا يشوبها شك.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى