اخبار الامارات

ذكاء اصطناعي يتدخل في الخلافات الزوجية.. توصيات فورية بالطلاق وغياب للحلول الإنسانية

بات الذكاء الاصطناعي يدخل على خط الخلافات الأسرية، ويقدّم نصائح قد تكون صادمة وغير مدروسة، بحسب تجارب عدد من المستخدمين الذين سعوا للحصول على استشارات زوجية عبر هذه التطبيقات الذكية.

وتحدّثت إحدى السيدات عن تجربتها، مشيرة إلى أنها لجأت لتطبيق ذكي بعد سلسلة خلافات مع زوجها، آملة في إيجاد حل يهدّئ الأوضاع، لكنها فوجئت بأن الردّ جاء صريحاً وقاطعاً بتوصية بالطلاق، من دون أي طرح لبدائل أو مراعاة للظروف الشخصية والاجتماعية التي تحيط بها.

وفي واقعة مشابهة، أشارت امرأة إلى أنها طلبت استشارة بعد تعرضها لإيذاء نفسي وجسدي من زوجها، فلم تجد سوى نصيحة آلية تحثّها على توثيق الأدلة والتوجه إلى الجهات القانونية، من دون أي بُعد اجتماعي أو عاطفي في الردّ.

من جهة أخرى، روَت شابة كيف تحوّل التطبيق إلى وسيلة تزيد من الانقسام، إذ دعم موقفها بالكامل في خلاف مع خطيبها، بينما حصل خطيبها على دعم مماثل عند استخدامه التطبيق ذاته لعرض وجهة نظره، ما كشف عن انحياز الأنظمة الذكية لرواية المستخدم، بعيداً عن تقييم شامل ومتوازن.

ويرى متخصصون أن هذه الظاهرة تحمل مخاطر حقيقية على استقرار الأسرة، حيث تعتمد هذه الأنظمة على المعطيات المقدّمة فقط، من دون القدرة على طرح أسئلة متابعة أو فهم السياق العاطفي والاجتماعي والديني، ما يخلق تصورات قاصرة قد تدفع نحو قرارات متسرعة مثل الطلاق أو الانفصال.

وفي هذا الإطار، حذّرت هدى آل علي، استشارية التربية ومؤسسة مركز ارتقاء لتنمية المواهب، من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كأداة لحسم الخلافات الزوجية، مشيرة إلى أن العلاقات الإنسانية تحتاج إلى وعي وخبرة وحضور بشري حقيقي، وليس إلى خوارزميات باردة تفتقر لفهم المشاعر والتفاصيل المعقدة.

وأكدت آل علي أن هذه التطبيقات قد تُقدّم توصيات متطرفة بناءً على طريقة طرح السؤال أو نبرة النص، موضحة أن الكثير من النساء يلجأن لتطبيقات مثل «تشات جي بي تي» طلباً لحل سريع، ليجدن أنفسهن أمام قرارات حادة، نتيجة تحليل آلي لنص مليء بالغضب والانفعال، من دون مراعاة للطرف الآخر أو الموقف برمّته.

وأشارت إلى جانب آخر بالغ الخطورة، يتمثل في تساؤلات الأطفال عبر المساعدات الذكية حول الخلافات الأسرية، مؤكدة أن هذه الردود غير الموجهة تربوياً قد تزرع الانحياز أو السلوك العدواني لدى الطفل، وتشوّه مفهوم الأسرة والعلاقات الاجتماعية في ذهنه.

أما في الجانب التقني، فقد أوضح المستشار في تقنية المعلومات والأمن السيبراني عبدالنور سامي، أن التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القضايا الأسرية يتطلب وعياً كاملاً بآلية عملها وحدود قدراتها، مشدداً على أن هذه النماذج تعتمد على تحليل ما يُقدّمه المستخدم فقط، وغالباً ما تفتقر إلى السياق الدقيق، أو القدرة على التمييز بين الحالات المختلفة.

وبيّن سامي أن بعض التطبيقات تُظهر مرونة زائدة أو إجابات سطحية نتيجة اعتمادها على أنماط عامة، كما أن بعضها يفتقر للتحديث المستمر أو يعاني من نقص في الاتساق والمنطقية بسبب عدم قدرتها على حفظ سياق المحادثات السابقة، وهو ما يجعل الاعتماد الكامل عليها أمراً محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً عند اتخاذ قرارات مصيرية.

وفي السياق ذاته، حذّرت المستشارة القانونية وخبيرة النزاعات الزوجية فاطمة آل علي، من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كبديل للاستشارة الأسرية المتخصصة، مشيرة إلى أنها استقبلت العديد من الحالات التي لجأت في البداية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، قبل أن تجد نفسها أمام تفاقم المشكلة بسبب توصيات آلية قاصرة.

وأضافت أن بعض الأزواج يلجأون إلى هذه المنصات بدافع الفضول أو التسلية، ليجدوا أنفسهم عالقين في مشكلات واقعية تهدّد استقرار العلاقة الزوجية، بعد تلقيهم ردوداً غير مدروسة أو مبنية على تحليلات سطحية.

وختمت آل علي بالتأكيد على أهمية الاستعانة بمستشارين بشريين يمتلكون القدرة على احتواء الخلافات وفهم أبعادها النفسية والاجتماعية، مع التعامل الحذر والواعي مع التطبيقات الذكية، خصوصاً عند مشاركة معلومات أسرية حساسة، تجنباً للوقوع في فخ الحلول السريعة التي قد تُفاقم الأزمات بدلاً من حلّها.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى