منوعات

سمنة البطن.. قنبلة صامتة تهدد القلب والهرمونات وتخدع أصحاب الوزن الطبيعي

رغم المظهر الخارجي الذي قد يوحي بالرشاقة أو الوزن المثالي، تحذّر الأبحاث الطبية من خطر داهم يتربص بكثيرين دون علمهم، وهو سمنة البطن أو ما يُعرف بالسمنة الحشوية، التي صنفها الأطباء بأنها الأخطر بين جميع أشكال السمنة، لما لها من صلة وثيقة بأمراض القلب، والوفاة المفاجئة، واضطرابات الهرمونات، وحتى الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

ويؤكد متخصصون أن هذه الدهون ليست مجرد مشكلة تجميلية، بل تهديد صامت يطال الصحة من الداخل، حيث تتراكم الدهون حول الأعضاء الحيوية، كالكبد والبنكرياس، مُفرزة مركبات التهابية ترفع من مستوى الالتهاب المزمن في الجسم، وتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب واضطرابات النظم القلبية، وارتفاع ضغط الدم، وحتى الموت المفاجئ، بصرف النظر عن مؤشر كتلة الجسم التقليدي (BMI).

وفي هذا السياق، شدد استشاري القلب والقسطرة القلبية، الدكتور هشام طايل، على ضرورة عدم الاكتفاء بمتابعة الوزن عبر الميزان، قائلاً إن قياس محيط الخصر هو المؤشر الحقيقي للخطر، موضحاً أن تجاوز محيط الخصر 102 سم لدى الرجال أو 88 سم لدى النساء يُعدّ ناقوس خطر، حتى لو بدا الوزن طبيعياً.

وأشار طايل إلى أن دهون البطن تُنتج مركبات التهابية نشطة، مثل “الإنترلوكين-6″ و”عامل نخر الورم”، التي تلعب دوراً محورياً في مقاومة الإنسولين، وتصلب الشرايين، وارتفاع الكوليسترول، وصولاً إلى أمراض القلب التاجية، واضطرابات نظم القلب، التي قد تفضي إلى الوفاة المفاجئة، خاصة مع ارتفاع محيط الخصر.

من جانبها، نبهت أخصائية الغدد الصماء، الدكتورة يارا لطيفة، إلى أن تأثير سمنة البطن لا يقتصر على القلب والشرايين، بل يمتد ليُحدث خللاً عميقاً في توازن الهرمونات داخل الجسم، ما قد يؤدي إلى اضطرابات هرمونية مثل مقاومة الإنسولين، وارتفاع الكورتيزول، واضطرابات التستوستيرون والإستروجين، وهي عوامل تُسهّل تراكم الدهون، وتُمهّد للإصابة بمشكلات مثل تشحّم الكبد وتكيس المبايض لدى النساء، والسكري الخفي لدى الجنسين، حتى في غياب السمنة الظاهرة.

أما أخصائية التغذية العلاجية، تسنيم حمامي، فكشفت عن أبرز الأسباب الغذائية التي تُغذّي هذا الخطر الصامت، على رأسها الإفراط في السكريات المكررة، والكربوهيدرات البسيطة، والدهون غير الصحية، مع إهمال تناول الألياف، والاعتماد على وجبات كبيرة قبل النوم أو نمط غذائي غير منتظم، إلى جانب الكحول، الذي يُسهم في ظهور ما يُعرف بـ”الكرش الكحولي”.

وأكدت حمامي أن التعامل مع سمنة البطن يتطلب تغييراً جذرياً في نمط الحياة، لا يعتمد فقط على خسارة الوزن العام، بل على تبنّي أنظمة غذائية دقيقة مثل حمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالدهون الصحية، أو الصيام المتقطع بنظام 16:8، مع التركيز على البروتين، الألياف، والدهون المفيدة، وتجنب الأطعمة المصنعة والدهون المتحولة.

ويحذر الأطباء من إغفال قياس محيط الخصر كأداة أساسية للكشف المبكر عن الخطر، مع الدعوة لإجراء تحاليل دورية مثل مقاومة الإنسولين، ونسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول، ومستويات الهرمونات، لتفادي الدخول في دوامة الأمراض المزمنة الصامتة التي تبدأ من محيط الخصر، وتنتهي بمضاعفات قد تُهدد الحياة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى