اخبار الامارات

راتب الزوجة.. بين التعاون الأسري وحقوق النفقة: جدل يشتعل تحت سقف واحد

تواجه بعض الأسر مع اقتراب نهاية كل شهر نقاشات متكررة حول مشاركة الزوجة العاملة في النفقات المنزلية، وهو ما يثير تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان من حق الزوج أن يشترط اقتطاع نسبة من راتبها مقابل السماح لها بالعمل، في وقت يؤكد فيه القانون استقلال الذمة المالية للزوجة.

العديد من الأزواج أعربوا عن انزعاجهم من رفض زوجاتهم الإسهام في مصروفات البيت، رغم إدراكهن بضعف دخل الزوج، مشيرين إلى أن هذا التباين في المسؤوليات قد يؤدي إلى تصاعد الخلافات داخل الأسرة.

وفي المقابل، هناك رجال يشترطون مسبقاً حصولهم على جزء من راتب الزوجة كشرط لاستمرارها في العمل.

بعض القراء الذين تفاعلوا مع هذا الموضوع طالبوا بإطلاق حملات توعوية تُشجّع الأزواج على التفاهم المالي، والتعاون في إدارة الميزانية العائلية، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة وارتفاع تكاليف المعيشة التي لم يعد بمقدور راتب واحد تغطيتها.

ويشير عدد من الأزواج إلى أن القانون يعطي الزوج حق النفقة الكامل على زوجته وأولاده، إلا أنهم يرون أن مشاركة الزوجة العاملة في بعض الالتزامات المالية يعتبر تصرفاً منطقياً نابعاً من الإحساس بالمسؤولية، لا سيما إذا كانت الأسرة تعاني من ضيق الموارد.

في الوقت ذاته، يتساءل البعض عن مدى قانونية توثيق اتفاق مالي بين الطرفين، يتيح للزوجة العمل مقابل إعفاء الزوج من التزامه بالنفقة. وهو ما يطرح قضية حساسة تتعلق بموازنة الحقوق والواجبات بين الطرفين في إطار الحياة الزوجية.

أما من الناحية القانونية، فقد أكد قانون الأحوال الشخصية الاتحادي أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج، حتى وإن كانت تملك دخلاً، ولا تسقط إلا بحالتين وهما، الأداء أو الإبراء، كما يوضح القانون أن الذمة المالية للزوجة منفصلة عن زوجها، ولا يحق له التصرف في مالها دون موافقتها.

وتنص المادة “99” من القانون على أن الزوجة تستحق النفقة إذا مكّنت زوجها من نفسها شرعاً، ولا يمكن إسقاط هذا الحق إلا بموجب اتفاق موثّق أو تنازل صريح. وفي المقابل، فإن للزوجة الحق الكامل في التصرف بمالها الخاص، كما يمكنها توثيق أي اتفاق يخص ذلك لدى الجهات الرسمية المختصة.

الدكتور يوسف الشريف، المستشار القانوني، أوضح أنه يمكن قانوناً أن تتنازل الزوجة عن حقها في النفقة، ولكن لا يحق لها التنازل عن نفقة الأولاد، كونها حقاً مستقلاً لهم. وأضاف أن أي اتفاق بين الزوجين حول هذه المسائل يمكن توثيقه عبر الجهات المختصة، مثل إدارة التوجيه الأسري أو المحكمة الشرعية.

من جهة أخرى، يرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور أحمد العموش، أن مبدأ الإنفاق في الأصل يقع على عاتق الزوج، حتى وإن كانت الزوجة عاملة ومع ذلك، فإن الواقع المعيشي الحالي يفرض نوعاً من الشراكة المرنة في المسؤوليات المالية، من باب التفاهم لا الإلزام.

وأشار العموش إلى أن كثيراً من النماذج الأسرية الناجحة تقوم على العمل المشترك بين الزوجين، حيث يتعاون الطرفان في تلبية احتياجات الأبناء والتعليم والسكن، مؤكداً أن التفاهم والحوار هما الأساس في حل مثل هذه القضايا.

كما أوضح أن الخلافات المالية يمكن أن تتفرع لتشمل قرارات الشراء أو الإنفاق الزائد، ما قد يخلق بيئة خصبة للمشكلات الزوجية، في حال غابت الثقة أو الشفافية.

وأضاف أن اختيار الشريك القادر على التعاون في بناء الأسرة مادياً ومعنوياً بات يمثل عنصراً مهماً في نجاح الزواج.

وأشار إلى تحوّل كبير في نظرة المجتمع، حيث باتت الفتاة العاملة مرغوبة أكثر لدى الشباب، لما تمثله من دعم اقتصادي في الحياة الزوجية، مشدداً على ضرورة تعزيز مفهوم التكامل الأسري من خلال الحوار المشترك، وليس من منطلق الحقوق القانونية فقط.

ما هو حق النفقة وفق القانون

ينص قانون الأحوال الشخصية على أن النفقة حق مشروع يشمل الغذاء والمسكن والكسوة والعلاج والتعليم، ويجب أن تُقدَّم وفقاً لما يقتضيه العُرف وظروف الأسرة.

متى تسقط النفقة؟

تسقط نفقة الزوجة بحسب المادة “103” من القانون، إذا منعت نفسها من الزوج دون عذر، أو امتنعت عن الانتقال إلى بيت الزوجية، أو المبيت فيه، أو السفر معه دون سبب مشروع.

وفي النهاية، يبقى المبدأ الأهم في العلاقة الزوجية هو التفاهم والمودة، ولا يمكن لقانون أو شرط مسبق أن يغني عن الحوار الصادق والرغبة الحقيقية في بناء حياة مستقرة ومتوازنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى