
موقف إنساني من قاضٍ يُلهم رئيس الدولة ويكرّم طفلاً بأثرٍ
لم تكن جلسة المحكمة في أم القيوين يوماً عادياً بالنسبة للمستشار حميد آل علي، قاضي المحكمة الابتدائية الاتحادية، بل تحولت إلى لحظة إنسانية مؤثرة بقيت عالقة في ذاكرته لسنوات، ليأتي يوم ويتم تكريمه على إثرها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أشاد بالموقف واعتبره تجسيداً أصيلاً لقيم أبناء الإمارات.
المستشار آل علي يروي تفاصيل الحادثة قائلاً إن المحكمة اعتادت في يوم زايد للعمل الإنساني، الموافق 19 من رمضان، أن تنظّم فعالية سنوية بسيطة توزع خلالها المساعدات الرمزية على العاملين من الحراس والعمال، تعبيراً عن الامتنان والتقدير، إلا أن أحد ملفات القضايا في ذلك اليوم جذبه بقوة وغيّر مجرى الاحتفالية بالكامل.
ويتابع: بدأت جلسات المحكمة كالمعتاد عند الثامنة صباحاً، وكان من المقرر إقامة الاحتفال في الحادية عشرة، إلا أن قضية لعائلة آسيوية مخالفة لقوانين الإقامة منذ خمس سنوات استوقفتني، خاصة بعد أن لاحظت أن الأب اصطحب معه طفلاً يرتدي الكندورة الإماراتية.
وبعد الاستماع إلى أقوال الأب، علم القاضي أن السبب وراء مخالفته هو انشغاله برعاية كفيله المواطن، الذي أصيب بالسرطان، حيث بقي بجانبه حتى وفاته، متحملاً المسؤولية الإنسانية دون إدراك لتبعات ذلك على وضعه القانوني.
المشهد لم يكن عادياً، فالطفل الذي خطف الأنظار بوقوفه الواثق وملبسه التقليدي أثار فضول القاضي، الذي بادر بسؤاله عن اسمه، ليأتي الجواب: “اسمي زايد”. وفي تلك اللحظة، يقول آل علي، “أدركت أن ما بين يدي ليس مجرد قضية قانونية، بل موقف يحمل رمزية بالغة، خصوصاً ونحن نحتفل باسم زايد”.
عندها، خلع القاضي وشاح العلم الذي كان يرتديه تحضيراً لفعالية يوم زايد، ووضعه على كتف الطفل، قائلاً له: “زايد لا يُغرّم.. زايد يُكرّم”.
ومن فوره، وجه بسداد جميع المخالفات المتراكمة على الأسرة والتي تجاوزت 60 ألف درهم، مع إنهاء كافة إجراءات تجديد الإقامة في غضون ساعات.
الوالد، الذي بدا غير مصدق لما جرى، غادر المحكمة وقلبه مفعم بالامتنان، بينما بقيت تلك اللحظة خالدة في وجدان القاضي حتى بعد مرور السنوات، خاصة بعد أن أثنى عليها رئيس الدولة شخصياً خلال لقاء رسمي، معتبراً أن هذا النهج هو امتداد لمسيرة القائد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
القاضي آل علي يختتم بالقول: “ما قمت به لم يكن استثناء، بل هو امتثال لنهج إنساني ورسالة نعتز بها في هذه الأرض، حيث الكرامة والرحمة من شيم القيادة والشعب”.