منوعات

الفيروس الكبير فى كوبا.. معلومات حول المرض الذى ينقله البعوض

تواجه كوبا حالياً حالة طوارئ صحية غير مسبوقة بسبب وباء غامض أطلق عليه السكان اسم “الفيروس الكبير”، يثير فزعًا واسعًا في بلد يعاني أصلًا من نقص الدواء والغذاء والطاقة، وتتصاعد فيه الإصابات بينما تسعى المستشفيات جاهدة للبقاء قائمة في مواجهة الضغط المتزايد.

ما هو الفيروس الكبير وكيف ينتشر؟

يشير تقرير أجنبي إلى أن الفيروس الكبير ليس فيروساً واحداً، بل مزيجاً من حمى الضنك وحمى الشيكونغونيا وفيروس أوروبوش، وهي أمراض تنقلها البعوض وتنتشر عادة في البيئات المدارية. وتؤكد البيانات الرسمية أن عدد الإصابات المؤكدة بحمى الشيكونغونيا تجاوز 38 ألف حالة، فيما سجلت السلطات حتى الآن ما لا يقل عن 55 وفاة، منها 21 طفلًا، مع ترجيحات بأن الأعداد الحقيقية أعلى بكثير.

الأعراض والمضاعفات

تبدأ الأعراض فجأة بارتفاع شديد في الحرارة وآلام مبرحة في المفاصل، وتظهر طفح جلدي مع قيء وإسهال، ثم يتبع ذلك تيبّس وصعوبة في الحركة قد تستمر لأسابيع، وفي بعض الحالات يعاني المصابون من “شلل مؤقت” في عضلاتهم وترافقهم إرهاق وتراجع في التوازن لعدة أشهر.

أسباب التفشّي والظروف المرافقة

يربط خبراء الأوبئة التفشّي بتزايد أعداد البعوض نتيجة الأمطار الغزيرة وتراكم القمامة في الشوارع نتيجة الانقطاعات في الكهرباء ونقص الوقود اللازم لعمليات الرش. وتفيد بيانات المركز الوطني للنظافة بأن نحو 0.89% من المناطق السكنية تشهد وجود بعوض بشكل متكرر، ما يشير إلى انتشار في أغلب الأحياء. كما أن الحرارة العالية والرطوبة تخلق بيئة مناسبة لتكاثر الحشرات، في حين تراجع قدرة الدولة على توفير المبيدات والحفاظ على شبكات الصرف الصحي، وتؤكد الدكتورة جيانيلا كروز أفيلا أن القضاء على البعوض لا يكفي بل يجب استهداف البيض واليرقات أيضاً.

طرق العلاج المتاحة والتوجيه الطبي

لا يوجد حتى الآن علاج نوعي لهذا الفيروس، لذا يعتمد العلاج على تخفيف الأعراض: الراحة التامة، الإكثار من الماء لتجنب الجفاف، واستخدام خافضات الحرارة البسيطة كالباراسيتامول. وتُنصح السلطات بتجنب الأدوية المضادة للالتهاب القوية مثل الإيبوبروفين لأنها قد تزيد خطر النزيف في حالات حمى الضنك.

التغذية ودورها في الأزمة

يشير خبراء معهد Pedro Kouri إلى أن سوء التغذية يجعل المرض أشد فتكاً، فالحالة تغطي أساساً نقص الحديد والبروتينات لدى أغلب الكوبيين الذين يعتمدون على الأرز وقليل من اللحم المفروم. توصي النشرات الطبية بمواد غذائية غنية بالبروتين كالبيض والزبادي والأسماك والمكسرات والخضر الورقية، لكن هذه الأطعمة شبه غائبة في المتاجر.

أزمة الدواء والتشخيص في المستشفيات

المستشفيات الكوبية تعمل بموارد محدودة جداً؛ فالفحوص المخبرية المخصصة لتحديد نوع الفيروس غير متوفرة كثيراً، ويُسجل التشخيص عادة تحت بند “حمّى غير محددة”، مع خشية من وجود عينات تُهدر بسبب نقص الكواشف اللازمة. العلاج غالباً ما يقتصر على مسكنات ومحاليل جفاف، وتقول إحدى الممرضات في ماتانزاس إن المرضى يُعادون إلى منازلهم ويُطلب منهم الراحة فقط لأنها غير متوفرة أدوية كافية. وفي مواجهة النقص الشديد، تلجأ الأسر إلى الطب الشعبي وتروي قصص عن خليط من الأوريجانو والثوم والقرنفل المغلي كعلاج منزلي.

وضع النظام الصحي وآثاره الاجتماعية

تشير تقارير محلية إلى أن نحو 70 ألف عامل صحي تركوا وظائفهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من بينهم أكثر من 30 ألف طبيب. المستشفيات ممتلئة، وتُغلق عيادات كاملة عندما يصيب العاملون بالفيروس، وتقر وزارة الصحة بنقص الأدوية بما يتجاوز 70% من الاحتياجات، ما يجعل السوق السوداء المصدر الرئيسي للدواء. يصف سكان من هافانا وماتانزاس معاناة يومية، حيث يعجزون عن تشخيص قريب أو وصول إلى رعاية مناسبة في غياب الأدوية والمعدات.

تقييمات دولية وتحذيرات مستمرة

تؤكد منظمة الصحة للبلدان الأمريكية أن انتشار الفيروسات المنقولة بالمفصليات في كوبا هو الأوسع منذ عقدين، وتدعو إلى تسريع إجراءات مكافحة البعوض، إذ أن أي تأخير قد يوسع دائرة المرض عبر منطقة البحر الكاريبي كلها. وتصر الحكومة على أن الوضع “تحت السيطرة” وتعتبر هذه أمراض موسمية معتادة في مناخها، بينما تستمر الشواهد من المستشفيات المزدحمة والمرافق التي تعمل على مدى طويل في بعث الصورة الواقعية عن الأزمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى