اخبار الامارات

علاج ثوري في الإمارات.. تقنيات محلية تخفّض كلفة علاج السرطان وتفتح آفاق الطب المناعي

في خطوة علمية بارزة نحو الاكتفاء الطبي الذاتي وتوطين الصناعات الحيوية، أعلن الطبيب الإماراتي الدكتور عجلان وحيد إبراهيم الزاكي، المتخصص في العلاج المناعي ومدير مركز أمراض الدم والأورام والعلاج الخلوي في مستشفى برجيل أبوظبي، عن تحقيق تقدم غير مسبوق في مجال علاج السرطان، من خلال تطوير تقنية مبتكرة باستخدام “الخلايا التائية المعدلة وراثياً” المعروفة ب”CAR T-cell”.

وأوضح الدكتور الزاكي خلال حديثه ضمن فعاليات منتدى “اصنع في الإمارات” أن العلاج الجديد يمثل تحولاً نوعياً في أسلوب مواجهة السرطانات الدموية، حيث بات يُصنع محلياً داخل الدولة، ما ساهم في تقليص تكاليف العلاج بنحو 90%، وتخفيض الاعتماد على المصادر الخارجية، في إطار استراتيجية إماراتية تسعى لقيادة مستقبل الطب الحيوي والتكنولوجيا العلاجية.

وأشار إلى أن “الخلايا التائية” تعتبر إحدى أبرز العلاجات المناعية المتقدمة، إذ يُستخلص هذا النوع من الخلايا من دم المريض نفسه، ثم يُعاد برمجتها وراثياً في المختبرات لتتمكن من رصد ومهاجمة الخلايا السرطانية بذكاء ودقة، ومن ثم تُعاد إلى الجسم لتباشر مهمتها العلاجية.

ولفت إلى أن الخصوصية العالية لهذا العلاج تكمن في تفصيله حسب الحالة الجينية للمريض ونوع الورم، ما يحقق استهدافاً دقيقاً للمرض دون الإضرار بالخلايا السليمة، على عكس ما تسببه بعض العلاجات التقليدية كالكيماوي والإشعاعي، وقد أظهرت النتائج السريرية تحسناً ملحوظاً في نسب الشفاء، خاصة في حالات كانت تُصنّف على أنها مستعصية.

وبيّن أن توفير العلاج محلياً لا يقتصر أثره على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يختصر الوقت اللازم لبدء العلاج، ويُشعر المرضى بالاطمئنان لكونه يُنتج تحت إشراف طواقم وطنية مؤهلة، وهو ما أضفى بعداً إنسانياً ونفسياً مهماً في مسيرة التعافي.

كما أكد الزاكي أن تصنيع هذه الخلايا داخل الإمارات تطلب بنية تحتية دقيقة وتشريعات مرنة، إلا أن الدعم الحكومي والتعاون بين مراكز الأبحاث والمؤسسات الطبية أتاحا الانتقال من المختبر إلى الإنتاج المحلي بكفاءة وسرعة غير مسبوقة.

ونوّه إلى أن منصة “اصنع في الإمارات” ساعدت بشكل كبير في تهيئة البيئة التشريعية والداعمة للصناعة الحيوية، وأسهمت في إطلاق شراكات مع رواد التكنولوجيا الحيوية العالميين، مما مكّن الإمارات من توطين واحدة من أكثر تقنيات العلاج تطوراً في العالم.

وأضاف أن الإمارات تتمتع بقدرات كبيرة في مجال البنية التحتية الصحية، وتحتضن مراكز متخصصة مثل مركز أبوظبي للخلايا الجذعية الذي استطاع تصنيع أول دفعة من الخلايا التائية محلياً، بالتعاون مع جهات دولية، ضمن منظومة تستند إلى الابتكار والتقدم العلمي.

ولم يغفل الزاكي الإشادة بالدور المحوري الذي تلعبه الكفاءات الإماراتية في هذا المجال، مشيراً إلى أن الشباب الوطني يتصدر صفوف البحث والتطوير، ويحظى بفرص تدريبية في الطب الحيوي والهندسة الوراثية، مما يساهم في بناء كوادر قادرة على قيادة المستقبل الطبي للدولة.

واختتم الدكتور الزاكي حديثه بالتأكيد على أن ما يحدث في الإمارات في مجال علاج السرطان ليس مجرد تطور تقني، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية تؤمن بأن الاستثمار في البحث والابتكار هو حجر الأساس لبناء منظومة صحية متكاملة. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح شريكاً أساسياً في تحليل بيانات المرضى وتصميم العلاج المناسب لهم، ما يرفع من كفاءة العلاجات ويوفر حلولاً أكثر دقة وأماناً.

بهذا الإنجاز، تفتح الإمارات باباً جديداً في عالم الطب المتخصص، وتسير بخطى واثقة نحو تصدّر المشهد الإقليمي والعالمي في مجال العلاج بالخلايا المناعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى