
سعيد الكتبي يجمع 144 فرداً من أسرته ليحافظ على السنع الإماراتي وتراث الأجداد
في منطقة أم فنين بالشارقة يعيش الراوي والباحث في التراث الإماراتي سعيد مصبح بن حليط الكتبي حياة استثنائية، إذ يجتمع في مجلسه العامر 144 فرداً من أبنائه وأحفاده يعيشون جميعاً في بيت واحد تسوده المحبة والاحترام. مجلسه لا يُغلق بابه في وجه أحد، فهو مجلس للتربية والعلم والسنع الإماراتي الأصيل.
يقول الكتبي بفخر: «علمت أولادي ما تعلمته من أهلنا الطيبين، واليوم هم يعلّمون أبناءهم ما تربوا عليه، فالسنع هو أساس التربية، وهو ميراث لا يجوز أن يضيع».
سعيد الكتبي نموذج فريد في إدارة الأسرة الإماراتية الكبيرة
استطاع الكتبي أن يوازن بين الهيبة والحكمة، فجمع بين أربع زوجات وأبناء وبنات وأحفاد في بيت واحد دون خلافات تُذكر. ويؤكد أن العدل هو سر تماسك العائلة، قائلاً: «لا قسوة في البيت، لكن لكل شيء نظام وعدل».
عمله السابق في الجيش علّمه الانضباط والصبر، وهي القيم التي غرسها في أسرته.
ويقول: «أعطيت أولادي حقهم وربّيتهم على الاحترام، ليكونوا نواة لجيل يخدم وطنه بإخلاص».
بيت سعيد الكتبي يجسد قيم السنع الإماراتي
تحوّل منزل الكتبي إلى مدرسة مفتوحة في التراث الإماراتي، يجتمع فيه الأبناء والأحفاد من مختلف إمارات الدولة أسبوعياً. خصص الوالد يوم الجمعة للنساء، وبقية الأيام للرجال والضيوف، ليظل المجلس مركزاً للتواصل والتربية على قيم الكرم والتعاون.
يقول الكتبي إن مجلسه ليس مكاناً للجلوس فحسب، بل هو ساحة لتوريث القيم الإماراتية، حيث يتعلم الأطفال آداب المجالس والضيافة، ويعرفون مكانة الكبار قبل أن ينطقوا بكلماتهم الأولى.
غرس القيم الأصيلة في زمن التكنولوجيا
رغم التغيرات الحديثة، يتمسك الكتبي بضرورة نقل التراث الإماراتي للأجيال الجديدة.
يروي: «كنت آخذ أولادي وأحفادي إلى البرّ ليعرفوا معنى التعاون والمسؤولية، وأعلّم البنات إدارة البيت والاهتمام بالعائلة».
واليوم، يفتخر بنجاح أبنائه الذين يعملون في الجيش والشرطة والتعليم والمهن الحرة، ومنهم ابنته سلمى الكتبي التي أصبحت محامية معروفة في الدولة.
الراوي الذي حفظ التراث وحج 41 مرة
لا يقتصر عطاؤه على أسرته فقط، بل يمتد إلى المجتمع كله، إذ يوثّق سعيد الكتبي عبر حساباته في التواصل الاجتماعي العادات والتقاليد الإماراتية، ليبقى هذا الإرث حياً في ذاكرة الأجيال.
وقد كرّمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال ملتقى الشارقة الدولي للراوي تحت شعار «حكايات الرحالة».
ومن محطات حياته المميزة أنه حج 41 مرة واعتمر 129 مرة، ويقول إن هذه الرحلات «مدرسة في الصبر والرضا والقرب من الله».
سعيد الكتبي قدوة في الحفاظ على الهوية الإماراتية
بهيبته الهادئة وعدله الدائم، استطاع سعيد الكتبي أن يكون رمزاً للأسرة الإماراتية المتماسكة التي تجمع بين الأصالة والحداثة. أبناءه وأحفاده يرونه مثالاً يُحتذى في الوفاء والعطاء وحفظ السنع، ليبقى إرث الأجداد مستمراً في قلوب الأبناء.