
الاتحاد الأوروبي يجمّد عقوبات ضد وزراء إسرائيليين بعد اتفاق شرم الشيخ لوقف الحرب في غزة
الاتحاد الأوروبي يراجع مواقفه بعد اتفاق شرم الشيخ
كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية أن الاتحاد الأوروبي أوقف مؤقتًا خطط فرض عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية، كانت مطروحة منذ أسابيع، بعد توقيع اتفاق شرم الشيخ بين إسرائيل وحماس، الذي اعتُبر تحولًا سياسيًا مهمًا خفف من حدة التوتر في المنطقة.
وقالت المصادر، التي نقلت تصريحاتها مجلة “بوليتكو” الأوروبية، إن الموقف الجديد جاء نتيجة تقديرات بأن وقف الحرب في غزة يغيّر السياق السياسي العام، ما يجعل فرض العقوبات في هذه المرحلة “غير ملائم” وقد يؤثر على جهود تثبيت الهدنة.
انقسام أوروبي حول معاقبة إسرائيل
كانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قد أعلنت في سبتمبر الماضي عن نية الاتحاد إدراج عدد من الوزراء الإسرائيليين المعروفين بتوجهاتهم المتطرفة ضمن “القائمة السوداء”، وفرض قيود على المستوطنين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. كما تضمنت الخطة مقترحات بتقليص التعاون التجاري وتعليق بعض المدفوعات الثنائية لإسرائيل.
لكن تطبيق هذه الإجراءات اصطدم بخلافات داخلية بين الدول الأعضاء، إذ يتطلب فرض العقوبات إجماعًا من جميع الدول الـ27، وهو ما لم يتحقق بسبب اعتراض دول محورية مثل ألمانيا والمجر، في حين عبّرت دول أخرى مثل بلجيكا وإيرلندا عن دعمها لتوجه أكثر صرامة تجاه الحكومة الإسرائيلية الحالية.
غياب الإجماع الأوروبي يعرقل القرار
أوضح أربعة دبلوماسيين أوروبيين أن عدم الاتفاق الكامل بين العواصم الأوروبية يجعل تطبيق أي عقوبات جديدة أمرًا مؤجلًا على الأقل في المدى القريب.
ومن المقرر مناقشة الملف خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية في لوكسمبورغ يوم 20 أكتوبر، يليه طرحه في قمة القادة الأوروبيين في بروكسل في 23 أكتوبر، لكن الوثائق التحضيرية تشير إلى استمرار الانقسام وعدم وجود قرار نهائي بعد.
وقال ماكسيم بريفو، وزير الخارجية البلجيكي، إن “تأخر الاتحاد الأوروبي لأكثر من عامين في اتخاذ موقف حازم تجاه الانتهاكات الإسرائيلية أفقد سياسته الخارجية قدرًا كبيرًا من المصداقية”، مضيفًا أن الاتحاد يحتاج إلى سياسة متماسكة تحافظ على صورته كمدافع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان.
اتفاق شرم الشيخ يبدل أولويات أوروبا
بعد توقيع المرحلة الأولى من اتفاق شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل لإنهاء الحرب في غزة، أعادت المفوضية الأوروبية النظر في موقفها.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، باولا بينيو، إن العقوبات المقترحة “طُرحت في سياق معين”، مضيفة: “إذا تغير السياق السياسي، فمن الطبيعي أن يُعاد تقييم المقترح بما يتناسب مع المرحلة الجديدة”.
ويرى مراقبون أن أوروبا تحاول الحفاظ على دورها الدبلوماسي كوسيط محايد في المنطقة، خاصة بعد أن أثبتت الجهود المصرية والأوروبية المشتركة فعاليتها في الوصول إلى اتفاق الهدنة، ما يجعل التصعيد عبر العقوبات خيارًا غير مفضل في هذه اللحظة الحساسة.
مستقبل العلاقات الأوروبية الإسرائيلية
رغم تجميد القرار، أكدت مصادر دبلوماسية في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي لم يسحب خطط العقوبات بشكل كامل، لكنه يراقب تطورات المشهد في غزة والضفة الغربية قبل اتخاذ أي خطوات جديدة.
ويرجح محللون أن مستقبل العلاقات الأوروبية الإسرائيلية سيتحدد بناءً على مدى التزام الحكومة الإسرائيلية بوقف التصعيد وتحسين الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية.
وبينما يظل الاتحاد الأوروبي متمسكًا بموقفه الداعم لحل الدولتين، فإن التحدي الأبرز أمامه اليوم هو الموازنة بين مصالحه السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، والتزامه الأخلاقي تجاه حقوق الفلسطينيين وهي معادلة شديدة الحساسية في ضوء اتفاق شرم الشيخ وما تبعه من تغيّرات في خريطة التحالفات الإقليمية.