
«العلاج باللعب».. وسيلة مبتكرة تعيد الأمان لضحايا العنف في دبي
في خطوة رائدة نحو دعم الصحة النفسية للأطفال، تعمل مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على تطبيق أسلوب علاجي فريد من نوعه يعرف باسم «العلاج باللعب»، يهدف إلى مساعدة ضحايا العنف والإهمال على التعبير عن مشاعرهم المكبوتة، واستعادة التوازن النفسي والاجتماعي.
تقول شيخة سعيد المنصوري، المدير العام بالإنابة للمؤسسة، إن هذا النهج العلاجي يمثل أداة فعّالة للإجابة عن “الأسئلة الصامتة” داخل نفوس الأطفال، حيث يمنحهم مساحة آمنة للتعبير عن الألم بطريقة غير مباشرة من خلال اللعب والأنشطة التفاعلية.
دعم نفسي متكامل يعيد الثقة للأطفال ضحايا العنف
أوضحت المنصوري أن الاستثمار في تطوير أدوات علاجية مثل «العلاج باللعب» هو استثمار في تماسك المجتمع ومستقبله، مشيرة إلى أن المؤسسة بدأت اعتماد هذا الأسلوب منذ عام 2010، وتتابع نتائجه وفق أدوات تقييم علمية واستبيانات دقيقة.
وأضافت أن النتائج الميدانية أظهرت تحسنًا واضحًا في قدرة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتجاوز الصدمات، بل واستعادة الثقة بالنفس والتفاعل الإيجابي داخل الأسرة والمدرسة.
وأشارت إلى أن المؤسسة تستقبل حالات متنوعة من ضحايا العنف الأسري والاستغلال عبر جهات رسمية مثل الشرطة والنيابة العامة والجهات الاجتماعية، إلى جانب الحالات التي تُكتشف داخل المدارس.
العلاج باللعب بديل فعّال للعلاج السلوكي التقليدي
من جانبها، أوضحت الدكتورة غنيمة البحري، مديرة إدارة الرعاية والتأهيل بالمؤسسة، أن هذا الأسلوب العلاجي طُبّق في البداية على ثلاث حالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و10 سنوات تعرضوا لأشكال مختلفة من العنف الجسدي والجنسي والإهمال.
وأضافت أن المؤسسة لاحظت ضعف استجابة الأطفال للعلاج السلوكي التقليدي القائم على الثواب والعقاب، مما دفعها إلى اعتماد العلاج باللعب كخيار بديل، وقد حقق نتائج مبهرة بعد الجلسة السادسة أو السابعة.
وتابعت البحري أن فترة العلاج تختلف حسب الحالة، إذ استغرقت بعض الحالات ستة أشهر، وأخرى تجاوزت العامين، لافتة إلى أن الفريق العلاجي يقدم أيضًا إرشادات للأسر لضمان استمرارية الدعم النفسي والاجتماعي للطفل.
قصص نجاح تلهم المجتمع
أشارت البحري إلى وجود قصص نجاح مؤثرة لأطفال واجهوا تجارب قاسية وتمكنوا لاحقًا من العودة إلى الدراسة، بل وإكمال تعليمهم الجامعي أو الحصول على وظائف مستقرة.
ومن بين تلك القصص حالة طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات، كانت تعاني سلوكيات عدوانية وتنمرًا داخل المدرسة، إلا أن العلاج باللعب غيّر سلوكها تدريجيًا، فشهدت تحسنًا أكاديميًا واجتماعيًا ملحوظًا حتى أصبحت أكثر استقرارًا وثقة بنفسها.
وأكدت البحري أن المؤسسة تركز على الاضطرابات النفسية الناتجة عن العنف، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والاكتئاب والقلق، إضافة إلى اضطرابات السلوك، موضحة أن انخفاض الأعراض هو المؤشر الأساسي على فعالية العلاج.
مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال.. نموذج رائد في العلاج النفسي
تضم المؤسسة فريقًا متكاملاً من الأخصائيين النفسيين والمعالجين يقدمون دعمًا شاملاً للأطفال، سواء من خلال الجلسات الفردية أو الأسرية، مما يخلق شبكة دعم متكاملة تساعد الضحايا على استعادة حياتهم الطبيعية وبناء مستقبل أفضل.
وتسعى المؤسسة إلى أن تكون مرجعًا إقليميًا في أساليب العلاج باللعب، مستفيدة من تطور الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية التي من شأنها تطوير أدوات تفاعلية جديدة في السنوات المقبلة.