
الأدوية «البراند» ترفع كلفة التأمين الصحي في الإمارات.. مطالب بتفعيل البدائل منخفضة السعر
شركات التأمين: الممارسات الطبية المبالغ فيها تُحمِّل المنظومة أعباءً مالية متزايدة
تشهد سوق التأمين الصحي في دولة الإمارات ارتفاعًا ملحوظًا في كلفة وثائق التأمين خلال السنوات الأخيرة، في ظل زيادة الاعتماد على الأدوية باهظة الثمن «البراند» داخل المستشفيات والعيادات الخاصة، وتجاهل البدائل الجنيسة (Generic) التي تتمتع بالفاعلية نفسها وبأسعار أقل بكثير.
كبار السن الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار التأمين الصحي
يقول عدد من المتعاملين من كبار السن إنهم يواجهون صعوبة متزايدة في تجديد وثائق التأمين الصحي، نتيجة ارتفاع كلفة المطالبات الطبية التي تتحملها شركات التأمين بسبب وصف الأطباء أدوية من علامات تجارية عالمية مرتفعة السعر.
ويضيفون أن أغلب هذه الأدوية تُستخدم لعلاج الأمراض المزمنة مثل ضغط الدم والسكري والكوليسترول، والتي تتطلب صرفاً مستمراً وطويلاً، ما يجعل الفاتورة العلاجية الشهرية عبئًا ثقيلاً على المؤمن عليهم وشركات التأمين على حد سواء.
شركات التأمين: الأدوية باهظة الثمن ترفع تكلفة القطاع بأكمله
أكد عبدالمحسن جابر، رئيس اللجنة الصحية في اتحاد الإمارات للتأمين، أن الإفراط في وصف الأدوية «البراند» أصبح أحد أبرز العوامل التي ترفع كلفة التأمين الصحي في الدولة، إلى جانب عوامل أخرى مثل التاريخ المرضي، وسن المؤمن عليه، ونوع التغطية التأمينية المختارة.
وأوضح أن الممارسات الطبية المبالغ فيها لا تؤثر على فئة معينة فقط، بل تنعكس على السوق بأكملها، إذ تُضطر شركات التأمين إلى رفع أسعار الوثائق لجميع الأعمار لتعويض ارتفاع المطالبات الطبية.
وأضاف: «الأدوية ذات الأسماء التجارية المعروفة تُسعّر أضعاف البدائل العادية رغم تطابق المادة الفعالة، وهو ما يضاعف الإنفاق الطبي الإجمالي».
المطالبة بتفعيل وصف الأدوية البديلة لتخفيف العبء
دعا جابر إلى ضرورة وضع ضوابط صارمة تحد من الإفراط في وصف الأدوية «البراند»، وتشجع الأطباء والمستشفيات على اعتماد البدائل الدوائية منخفضة السعر، خاصة للأمراض المزمنة المنتشرة بين كبار السن.
وأشار إلى أن شركات التأمين توفر باقات متنوعة تناسب مختلف الأعمار والمستويات، إلا أن الضغوط الناتجة عن التضخم العالمي وارتفاع أسعار الأدوية تسهم في زيادة أسعار الوثائق سنوياً.
الممارسات الطبية المبالغ فيها تزيد العبء المالي على القطاع
وأضاف جابر أن بعض الممارسات الطبية مثل الفحوص والتحاليل غير الضرورية، والاعتماد المفرط على العلامات الدوائية الفاخرة، تُعد من أبرز أسباب ارتفاع كلفة التأمين الصحي في الإمارات، مشيراً إلى أن ضبط هذه الممارسات سيؤدي إلى استقرار الأسعار ويُحسن جودة الخدمات المقدمة للمؤمن عليهم.
12.3 مليار درهم حجم المطالبات في النصف الأول من 2025
وفقاً لآخر بيانات مصرف الإمارات المركزي، بلغت الأقساط المكتتبة في فرع التأمين الصحي خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 20.7 مليار درهم، في حين سجلت المطالبات المدفوعة من قبل شركات التأمين 12.3 مليار درهم خلال الفترة نفسها، ما يعكس حجم الإنفاق الكبير على الرعاية الصحية والتعويضات الطبية.
جدل عالمي حول أسعار الأدوية الأصلية والبديلة
يُشار إلى أن الجدل حول ارتفاع أسعار الأدوية الأصلية ليس جديداً، إذ تواجه أنظمة التأمين الصحي في مختلف دول العالم تحدياً مشابهاً بين دعم الابتكار الدوائي من جهة، وتقليل الكلفة العامة للرعاية الصحية من جهة أخرى.
ففي أوروبا والولايات المتحدة، تعتمد معظم برامج التأمين على الأدوية الجنيسة كخيار أول لتقليل النفقات، بينما تظل العلامات التجارية خياراً ثانوياً في حالات محددة.
نحو توازن مستدام بين الجودة والتكلفة
يرى خبراء التأمين أن تحقيق التوازن بين جودة الخدمات الصحية وكلفتها يتطلب تعاوناً أكبر بين شركات التأمين والمستشفيات والجهات التنظيمية، لوضع آليات تضمن وصف الدواء المناسب بالسعر المناسب، مع الحفاظ على معايير الجودة والسلامة.
ويؤكدون أن السوق الإماراتية قادرة على قيادة نموذج إقليمي متقدم في هذا المجال، بفضل بنيتها التشريعية المرنة، وتوجهها المستمر نحو تحسين كفاءة القطاع الصحي، وتحقيق استدامة مالية طويلة الأمد في قطاع التأمين.