اخبار الامارات

توثيق المرضى النفسيين لتجاربهم على مواقع التواصل.. بين كسر الوصمة ومخاطر الانتكاسة

في السنوات الأخيرة، تصاعدت ظاهرة توثيق المرضى النفسيين لتجاربهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدأ العديد منهم في مشاركة تفاصيل معاناتهم ورحلات علاجهم من الاكتئاب أو القلق أو الاضطرابات المزاجية في مقاطع “ريلز” وفيديوهات قصيرة.

تهدف هذه المشاركات إلى طلب الدعم وكسر الحواجز الاجتماعية حول المرض النفسي، لكنها في المقابل تثير قلق الخبراء لما تحمله من مخاطر نفسية واجتماعية قد تُفاقم معاناة المريض بدلاً من تخفيفها.

يُجمع الأطباء على أن الشفافية النفسية الرقمية أصبحت سلاحاً ذا حدين؛ فهي من جهة تُسهم في نشر الوعي والتقبل المجتمعي، لكنها من جهة أخرى قد تفتح الباب أمام موجات من التنمر والإيذاء الإلكتروني، خصوصاً عندما تتحول إلى وسيلة للبحث عن التعاطف أو الشهرة.

فالتفاعل الرقمي لا يمكن أن يحل محل العلاج النفسي المتخصص، بل قد يُربك رحلة التعافي عندما يرتبط تحسّن الحالة بعدد الإعجابات أو التعليقات.

ويحذر الدكتور عبدالسلام الحكيم، اختصاصي الطب النفسي، من تحويل تجربة العلاج إلى محتوى عام، مؤكداً أن الدعم الحقيقي يجب أن يأتي من مختصين في بيئة آمنة، لا من جمهور غير مدرّب على التعامل مع الحالات النفسية.

ويضيف أن بعض المرضى الذين يصبحون “مؤثرين نفسيين” قد يقدمون نصائح دون أساس علمي، مما يُعرّض المتابعين لمخاطر مضاعفة، داعياً إلى استشارة الطبيب قبل اتباع أي نصيحة تُنشر على الإنترنت.

في المقابل، ترى الدكتورة أمل عطوة إبراهيم أن لهذه الظاهرة جانباً إيجابياً إذا تمت بوعي ومسؤولية، إذ تُسهم في كسر وصمة المرض النفسي وتشجع الآخرين على طلب المساعدة.

وتوضح أن بعض المرضى يجدون في المشاركة العلنية نوعاً من التحرر من الألم وتحويل المعاناة إلى رسالة أمل، لكن الإفراط في الكشف عن التفاصيل الدقيقة – مثل الأدوية أو التشخيصات – قد يسبب أضراراً اجتماعية ومهنية مستقبلاً.

من جانبها، تؤكد الأخصائية النفسية حصة الرئيس أن المراهقين والنساء هم الأكثر تأثراً بتداعيات هذه الظاهرة، إذ يعتمد المراهقون على آراء الآخرين في بناء هويتهم النفسية، بينما تواجه النساء أحكاماً مجتمعية قاسية عند الإفصاح عن مشاكلهن النفسية.

وتشدد على أهمية وعي المستخدمين بحدود الخصوصية الرقمية، واختيار جمهور محدود وآمن عند مشاركة أي تجربة شخصية.

ويرى الخبراء أن نشر التجارب النفسية عبر الإنترنت يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو التقبل والدعم، شريطة أن يتم بوعي واتزان، وتحت إشراف طبي إذا لزم الأمر.

أما تحويل التجربة إلى وسيلة لجذب الانتباه أو إثبات الذات رقمياً، فقد يقود إلى نتائج عكسية، منها الانتكاسة النفسية أو الإيذاء الذاتي.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى