
ترامب قانون مكافحة التمرد: تصعيد أميركي يثير جدلاً داخلياً ودولياً
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتفعيل قانون مكافحة التمرد، في خطوة غير مسبوقة لاستدعاء قوات فيدرالية إلى المدن الأميركية الكبرى التي يقودها خصومه من الحزب الديمقراطي، في ظل احتجاجات مستمرة على سياسات الهجرة وممارسات السلطات المحلية.
ويتيح هذا القانون، الذي يعود للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر، للرئيس إعلان حالة الطوارئ واستدعاء الجيش لقمع “التمرد العنيف”، وهو إجراء نادر تاريخياً أثار مخاوف حقوقية وسياسية واسعة.
ترامب أكد خلال تصريحاته في المكتب البيضوي أنه لن يتردد في تفعيل القانون إذا تطلب الأمر حماية الأرواح والممتلكات، مضيفاً أن أي محاكم أو مسؤولين محليين يعطلون مساعيه لن يمنعوه عن تنفيذ هذه الخطوة.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن اتخذت ولايتا إيلينوي وأوريغون تدابير قضائية لتجميد نشر قوات الحرس الوطني في مدنهما، وسط اتهامات للرئيس باستخدام القانون لأغراض سياسية أكثر من كونه أداة أمنية.
سياق قانوني وسياسي مشحون
في ولاية إيلينوي، رفعت السلطات التماسات قضائية لمنع إرسال الحرس الوطني إلى شيكاغو، معتبرة أن المدينة لا تعاني من أي “تمرد” يبرر استخدام القانون، بينما أكد حاكم الولاية الديمقراطي جي بي بريتسكر أن الهدف ليس الأمن بل “استعراض قوة سياسي”.
ويُعد هذا القرار الخامس من نوعه ضد مدن ديمقراطية كبرى، بعد لوس أنجلوس وواشنطن وممفيس، ما يسلط الضوء على التوتر العميق بين الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية.
الجدير بالذكر أن مهمة عناصر الحرس الوطني عادةً تقتصر على التدخل في حالات الكوارث الطبيعية والطوارئ المدنية، مع إمكانية إرسالهم للقتال خارجياً، لكن استخدامهم داخلياً ضد احتجاجات سلمية أو عمليات شرطة محددة يُعد اختباراً خطيراً للحدود الدستورية بين السلطات الفيدرالية والولايات.
الاحتجاجات والهجرة في قلب الصراع
تأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد مستمر حول سياسات الهجرة، حيث يضع ترامب مكافحة الهجرة غير النظامية في قلب أولوياته، واصفاً تدفق المهاجرين بأنه “غزو” يهدد أمن البلاد.
وتتصاعد الاحتجاجات في مدن مثل بورتلاند، حيث يقيم السكان احتجاجات منذ أشهر على عمليات شرطة الهجرة، في حين يرى ترامب أن نشر الحرس الوطني “ضروري للحفاظ على النظام”.
ويرى محللون أن هذه الخطوة لا تحمل تداعيات محلية فقط، بل تؤثر على صورة الولايات المتحدة دولياً، خاصة مع استمرار التوترات الداخلية في المدن الكبرى ومتابعة المجتمع الدولي لكيفية تعامل الإدارة مع الاحتجاجات المدنية.
كما أن أي تصعيد إضافي قد يزيد الانقسام السياسي ويؤثر على الانتخابات المقبلة، ويضع ضغوطاً على السلطات المحلية والفيدرالية في آن واحد.
انعكاسات اقتصادية ودستورية
يتابع المراقبون بقلق تأثير هذه الخطوة على الاقتصاد الداخلي، حيث يمكن أن تؤدي المواجهات بين الحرس الوطني والسكان إلى اضطرابات في الأعمال والخدمات العامة، إضافة إلى إلحاق الضرر بصورة أميركا أمام المستثمرين الأجانب.
ويؤكد خبراء الدستور أن تفعيل ترامب قانون مكافحة التمرد ضد المواطنين هو اختبار لحدود السلطات الرئاسية، وقد يُستغل في السياق السياسي قبل الانتخابات المقبلة.
بالتالي، يضع هذا القانون الرئيس أمام تحديات متعددة: بين الدفاع عن سياسات الهجرة، وحماية الأمن الداخلي، والحفاظ على توازن القوى بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وبين التعامل مع الضغوط القانونية والسياسية على حد سواء.