
لجنة الاحتضان في محاكم دبي تضع مصلحة الطفل أولاً: قرارات نادرة تعيد رسم مفهوم الحضانة
في خطوة تعكس عمق الرؤية الإنسانية في منظومة العدالة بدبي، أكدت لجنة الاحتضان في محاكم دبي أن مصلحة الطفل هي البوصلة التي تُوجّه قراراتها، بعيدًا عن نزاعات الأبوين ومشاعر الغضب والانفصال، مشددة على أن الهدف الأول هو تأمين بيئة مستقرة وآمنة للمحضون، تضمن توازنه النفسي والاجتماعي.
وجاءت هذه التأكيدات في تصريحات أدلى بها رئيس اللجنة ورئيس قسم التوجيه الأسري، أحمد عبدالكريم، الذي كشف عن إصدار اللجنة توصيات استثنائية ونادرة، منها قرارات بتفريق الإخوة أو نقل الحضانة بين الأبوين عند ظهور ما يمس سلامة الطفل أو استقراره.
الحضانة في محاكم دبي.. بين العدالة والرحمة
أوضح عبدالكريم أن اللجنة لا تنحاز إلى الأب أو الأم، بل تدرس بدقة ظروف كل حالة، من البيئة الأسرية، والاستقرار النفسي، والعلاقات الاجتماعية، إلى السلوكيات والتقارير المدرسية.
وأكد أن قرارات اللجنة تُتخذ غالبًا بإجماع الأعضاء وتخضع لمراجعة دقيقة من المحكمة قبل اعتمادها.
وأضاف أن من أبرز الحالات التي مرت باللجنة التفريق بين أربعة أشقاء، حيث رأت اللجنة أن الأم فقدت السيطرة على الأبناء الكبار، مما قد يؤدي إلى انحرافهم، في حين أظهرت قدرتها على رعاية الصغار.
وبناءً عليه، أوصت اللجنة بأن يبقى الطفلان الصغيران مع الأم، بينما تنتقل حضانة الشقيقين الكبيرين إلى الأب، في قرار نادر يعكس تغليب مصلحة الأطفال على العاطفة الأبوية.
قرارات جريئة لحماية الطفل من العنف أو الخطر
وأشار رئيس اللجنة إلى أن القرارات قد تُراجع أو تُعدل في حال ظهور مستجدات، موضحًا أن هناك حالة تم فيها نقل حضانة طفل إلى والده بعد تقديم تقرير رسمي يُثبت تعرضه للعنف من قِبل الأم.
كما لفت إلى أن بعض الأمهات أو الآباء قد يفقدون الحضانة مؤقتًا أو دائمًا إذا ثبت وجود خطر على الطفل، سواء بسبب عنف أسري أو بيئة غير مستقرة أو سلوكيات ضارة في المحيط الأسري.
وفي المقابل، أوصت اللجنة في إحدى القضايا بمنح الأم حضانة ابنتها رغم تبرئة الأب من تهمة التحرش بخادمته، مبررة ذلك بأن الأب غير مستقر زواجيًا، إذ تزوج وطلق أكثر من مرة، وأن الفتاة في مرحلة حساسة وتحتاج إلى بيئة أكثر دفئًا وطمأنينة. وأيدت المحكمة القرار، مؤكدة أن الجانب النفسي والاجتماعي قد يتقدم على القانوني عندما يتعلق الأمر بمصلحة الطفل.
لجنة الاحتضان في دبي.. توازن بين القانون والإنسانية
تعمل لجنة الاحتضان تحت إشراف محاكم دبي كذراع إنسانية وقانونية في آنٍ واحد، إذ تُعدّ تقارير مفصلة تساعد القضاة في اتخاذ قرارات عادلة ومنصفة.
وتقوم اللجنة بإجراء مقابلات مع الأطفال والأبوين، ودراسة الظروف الاجتماعية بدقة، قبل التوصية بمنح أو سحب الحضانة.
ويرى عبدالكريم أن هذا النهج يجعل الإمارات نموذجًا في دمج العدالة الأسرية مع الدعم النفسي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن القاضي يملك سلطة إحالة النزاع إلى اللجنة أو البت فيه مباشرة، حسب ما يراه محققًا لمصلحة الطفل.
مبدأ “مصلحة الطفل أولاً” في محاكم دبي
في سياق متصل، بيّن عبدالكريم أن أغلب النزاعات الأسرية تنتهي بقرارات توازن بين العاطفة والواقعية، حيث قد تُمنح الحضانة للأب أو الأم تبعًا للظروف، مثل الحالة التي اكتشفت فيها اللجنة أن إخوة الأب لهم قضايا مخدرات وسوابق أخلاقية، فتم الإبقاء على الطفل مع والدته حماية له من بيئة خطرة.
وفي حالة أخرى، نُقلت حضانة فتاة من والدها إلى والدتها بعد أن تبين أن الأب كثير السفر ولا يملك وقتًا كافيًا للإشراف على ابنته.
وأكد عبدالكريم أن هذه الحالات تُظهر مدى مرونة القضاء الأسري في دبي وقدرته على التفاعل مع الواقع، بحيث تبقى “مصلحة الطفل” هي المعيار الأعلى، سواء في القرارات القضائية أو التوصيات الأسرية.
الإمارات نموذج عالمي في رعاية الأسرة والطفل
تجسد جهود لجنة الاحتضان في محاكم دبي رؤية الإمارات في بناء منظومة عدلية تُوازن بين الصرامة القانونية والبعد الإنساني.
فمن خلال هذه القرارات النوعية، تؤكد الدولة التزامها بحماية الطفولة وضمان بيئة أسرية متوازنة، بما يتماشى مع المعايير الدولية لرعاية حقوق الطفل، ويعزز مكانة دبي كمركز إقليمي في تطوير أنظمة العدالة الأسرية الحديثة.