اخبار العالم

روسيا تكثّف هجماتها على البنية التحتية الأوكرانية: تصعيد جديد في الحرب الإلكترونية والاتصالات

في تصعيد جديد من الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022، أعلنت قوات مجموعة الشرق الروسية عن تنفيذ سلسلة ضربات “نوعية ودقيقة” استهدفت خلالها البنية التحتية الحيوية للجيش الأوكراني خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، مركّزة على محاور الاتصالات والقدرات التقنية التي يعتمد عليها الجيش الأوكراني في الميدان.

وأكد أليكسي ياكوفليف، رئيس المركز الصحفي لمجموعة الشرق، أن القوات الروسية تمكنت من تدمير أربع محطات اتصالات عبر الأقمار الصناعية من طراز “ستارلينك”، بالإضافة إلى 12 مركزًا للتحكم بالطائرات المسيّرة التابعة للقوات الأوكرانية، في إطار ما وصفه بـ”العمليات الدقيقة لإضعاف القدرات التشغيلية للعدو”.

الحرب الروسية الأوكرانية تتحول إلى مواجهة تكنولوجية

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، لم تعد المواجهة مقتصرة على الجبهات التقليدية فحسب، بل أصبحت حربًا تكنولوجية معقّدة، تعتمد على الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة وأنظمة الاتصالات الذكية.

وتعدّ منظومة “ستارلينك” التابعة لشركة “سبيس إكس” الأمريكية أحد أبرز أدوات الجيش الأوكراني في الحفاظ على شبكات الاتصال الميداني وتوجيه الطائرات المسيّرة، وهو ما جعلها هدفًا مباشرًا للهجمات الروسية خلال الأشهر الماضية.

ويرى محللون أن استهداف روسيا لهذه المنظومات يهدف إلى شلّ قدرة القوات الأوكرانية على التنسيق الميداني والقيادة والتحكم، خصوصًا في المناطق الشرقية والجنوبية التي تشهد تصاعدًا في وتيرة المعارك.

تصعيد روسي يواكب الجمود الميداني

تأتي هذه الضربات في وقتٍ تشهد فيه الحرب جمودًا ميدانيًا واضحًا، حيث لم تحقق أي من الجبهتين مكاسب استراتيجية كبيرة منذ منتصف عام 2024، رغم استمرار القصف المتبادل على خطوط التماس.

ويعتقد الخبراء العسكريون أن موسكو تسعى عبر تكثيف هجماتها على البنية التحتية التقنية إلى استنزاف قدرات كييف وحرمانها من ميزة التفوق المعلوماتي الذي منحته لها التقنيات الغربية، في حين تواصل أوكرانيا الاعتماد على الدعم العسكري والاستخباراتي القادم من حلف شمال الأطلسي (الناتو).

من جهتها، لم تصدر السلطات الأوكرانية أي بيان رسمي يوضح حجم الخسائر أو يرد على الادعاءات الروسية الأخيرة، بينما اكتفت وسائل الإعلام الأوكرانية بالإشارة إلى “تصاعد الهجمات السيبرانية الروسية” بالتوازي مع العمليات العسكرية على الأرض.

خبراء: حرب الاتصالات قد تغيّر موازين الصراع

يؤكد محللون في الشؤون الدفاعية أن الحرب الإلكترونية أصبحت أحد مفاتيح التفوق العسكري في النزاع الدائر، إذ تعتمد الجيوش الحديثة بشكل متزايد على أنظمة الاتصالات، والطائرات المسيّرة، والأقمار الصناعية لتنسيق الهجمات والدفاعات في الوقت الفعلي.

ويحذر خبراء من أن تعطيل الاتصالات الميدانية في أوكرانيا قد يؤدي إلى شلل في تحركات الوحدات العسكرية ويعرقل إيصال الإمدادات والذخائر، مما قد يفتح المجال أمام تحركات روسية أوسع في الشرق الأوكراني خلال الأسابيع المقبلة.

كما يرى آخرون أن روسيا تسعى أيضًا إلى اختبار قدرات الغرب التقنية في ميدان معركة حقيقية، خصوصًا بعد دخول شركات مدنية مثل “سبيس إكس” و”مايكروسوفت” على خط الحرب بدعمها اللوجستي والاتصالي لأوكرانيا.

مستقبل الحرب بين موسكو وكييف

مع استمرار تبادل الضربات، يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية تتجه نحو مرحلة جديدة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة أكثر من الجيوش البرية.

فبعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاعها، لم تعد المعارك تُقاس فقط بالأراضي التي تمت السيطرة عليها، بل بمدى القدرة على السيطرة على المعلومات والاتصال.

وبينما تواصل موسكو التأكيد على “دقة عملياتها العسكرية الخاصة”، تحذر كييف من أن استهداف البنية التحتية الحيوية يعرض حياة المدنيين للخطر، ويهدد بانقطاع الاتصالات والطاقة عن ملايين السكان.

وهكذا، يبدو أن نظام الاتصالات أصبح خط الدفاع والهجوم الجديد في حرب لم تعد تشبه أي حرب تقليدية شهدها العالم في القرن الحادي والعشرين.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى