اخبار العالم

الرئيس الإيراني يطرح نقل العاصمة من طهران كخيار استراتيجي لإنقاذ البلاد

في خطوة اعتبرها مراقبون أكثر جرأة من سابقيه، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى تسريع مشروع نقل العاصمة الإيرانية من طهران، مؤكداً أن الأزمة السكانية والبيئية والاقتصادية التي تعصف بالمدينة جعلت القرار “ضرورة استراتيجية” لا مجرد مقترح إداري.

أزمات طهران تدفع نحو التفكير في عاصمة جديدة

طهران، التي تحولت منذ أكثر من قرنين إلى قلب إيران السياسي والإداري، تواجه اليوم سلسلة من الأزمات المعقدة التي جعلت استمرارها كعاصمة خياراً صعباً.

يبلغ عدد سكانها مع ضواحيها نحو 15 مليون نسمة، ما يجعلها واحدة من أكثر المدن ازدحاماً في الشرق الأوسط.

وتتوزع مشاكل المدينة بين التلوث البيئي الناتج عن كثافة المرور والمصانع، وأزمة السكن التي رفعت تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، إضافة إلى نقص المياه وهبوط الأرض بسبب الاستهلاك المفرط للمياه الجوفية.

كما باتت الهجرة الداخلية من مختلف المحافظات إلى طهران عبئاً كبيراً على البنية التحتية المتقادمة، التي لم تعد قادرة على تلبية متطلبات هذا التضخم السكاني.

خيارات مطروحة لعاصمة بديلة

بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية، يدرس فريق بزشكيان حالياً نقل المقرات الحكومية إلى مدينة ساحلية تقع على الخليج العربي أو خليج عمان، ما يمنح العاصمة الجديدة ميزات استراتيجية واقتصادية.

وتشير الترجيحات إلى أن محافظتي سيستان وبلوشستان أو هرمزجان هما الأقرب لاستضافة المشروع، لكونهما تمتلكان مساحات واسعة قابلة للتخطيط العمراني وموقعاً جغرافياً يتيح لإيران منفذاً مباشراً نحو طرق التجارة البحرية العالمية.

مشروع قديم يعود للواجهة

ليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها موضوع نقل العاصمة من طهران، فقد ناقشته حكومات سابقة مرات عدة، لكن المشروع ظل معلقاً بسبب الكلفة المالية الضخمة والحساسيات السياسية المرتبطة به.

ومع ذلك، يرى مراقبون أن الوضع الحالي بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، إذ لم تعد طهران قادرة على استيعاب مزيد من النمو السكاني أو التوسع العمراني.

تجارب دولية مماثلة

إيران ليست الدولة الوحيدة التي واجهت تحديات مماثلة. ففي السنوات الأخيرة، نقلت مصر جزءاً كبيراً من إدارتها إلى العاصمة الإدارية الجديدة لتخفيف الضغط عن القاهرة، بينما نجحت كازاخستان في نقل مركزها السياسي من ألماتي إلى أستانا (نور سلطان حالياً) في التسعينيات.

كما سبق لتركيا أن جعلت أنقرة عاصمة بديلة لإسطنبول في عشرينيات القرن الماضي.

هذه التجارب تعكس أن نقل العواصم ليس مجرد مشروع حضري، بل خيار استراتيجي لإعادة توزيع التنمية على الأقاليم المختلفة، وتحقيق التوازن بين المركز والأطراف.

تحديات ضخمة وفرص مستقبلية

رغم وضوح دوافع بزشكيان، فإن مشروع نقل العاصمة الإيرانية سيصطدم بعدة تحديات، أبرزها التمويل الضخم المطلوب لإنشاء بنية تحتية متكاملة في مدينة جديدة، إضافة إلى مقاومة النخب السياسية والاقتصادية التي اعتادت التمركز في طهران.

ومع ذلك، فإن الخطوة تحمل أيضاً فرصاً واعدة، إذ قد تسهم في إنعاش المحافظات المهمشة جنوب البلاد، وتعزيز الدور الاقتصادي لإيران على الخليج، وربطها أكثر بممرات التجارة الدولية.

ضرورة استراتيجية أم رهان محفوف بالمخاطر؟

يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع إيران المضي قدماً في نقل عاصمتها من طهران في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة؟ ما طرحه بزشكيان قد يكون بداية لتحول تاريخي في بنية الدولة، لكنه في الوقت ذاته رهان صعب يتطلب توافقاً وطنياً واستثمارات هائلة.

وبينما يرى البعض أن المشروع مجرد “حلم قديم” يتجدد مع كل أزمة، يؤكد آخرون أن طهران بالفعل لم تعد قادرة على الاستمرار كعاصمة، وأن مستقبل إيران يستدعي اتخاذ قرار جريء يعيد رسم خريطتها الإدارية والتنموية.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى