العملات في الإمارات.. تاريخ حي وهوية موروثة
العملات ليست مجرد وسيلة للدفع، بل ذاكرة حية توثق حضارات الشعوب وتعكس هوياتها. هذا ما يؤكده الباحث ومقتني العملات الإماراتي عبدالله المطيري، الذي يرى أن الانتشار المتزايد لوسائل الدفع الإلكتروني قد يهدد التاريخ والهوية، لأن كل عملة ورقية أو معدنية تحمل بين نقوشها قصة أمة ورمزاً من رموزها الثقافية والاقتصادية.
تاريخ العملات في الإمارات قبل الدرهم
شهدت الإمارات عبر العصور تداول العديد من العملات الأجنبية والمحلية، بعضها سُك على أراضيها منذ أكثر من ألفي عام.
ففي أواخر العهد الإغريقي، وتحديداً عام 225 قبل الميلاد، تم سك عملات فضية وخليط من النحاس والبرونز في مناطق مثل مليحة بالشارقة وأم القيوين، وهو ما يؤكد مكانة الإمارات الاقتصادية منذ القدم.
وفي مراحل لاحقة، استُخدم التالر النمساوي الذي سُمي في المنطقة بـ”الريال”، إلى جانب الروبية التي أصدرتها شركة الهند الشرقية.
وتنوعت الأسماء الشعبية للعملات بحسب صورها، مثل “أم البنت”، و”المصلع”، و”الشيبة”، و”أم الكلاب”.
دخول العملات الورقية إلى الإمارات
عام 1918 كان محطة فارقة، إذ شهدت الإمارات تداول أول عملة ورقية بقيمة 10 روبيات، تزامناً مع ولادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ما اعتبره الناس آنذاك فأل خير ورخاء.
ومع تطورات السياسة العالمية والحروب، تغيّرت العملات المتداولة بين الروبية الهندية وعملات خليجية مشتركة مثل ريال قطر ودبي، وصولاً إلى اعتماد الدرهم الإماراتي في 19 مايو 1973.
الدرهم.. رمز الهوية الوطنية
مع إصدار الدرهم، توقفت جميع العملات السابقة، لتبدأ مرحلة جديدة حملت رموزاً وطنية تعرّف بالإمارات للعالم.
فقد ظهرت على العملات معالم مثل متحف الفهيدي، جامع رأس الخيمة، جسر المقطع، برج الساعة، إضافة إلى رموز اقتصادية وثقافية مثل منصة البترول وعقد اللؤلؤ والنخلة والقافلة. وفي عام 1980 تم تأسيس مصرف الإمارات المركزي ليشرف على إصدار العملة الجديدة.
عبدالله المطيري.. جامع العملات الإماراتي
يمتلك الباحث عبدالله المطيري اليوم أكثر من 14 ألف قطعة نقدية تعود للفترات الإسلامية والقديمة، إضافة إلى نحو 2000 قطعة من عملات الإمارات الحديثة.
بدأ شغفه بجمع العملات منذ حصوله على أول قطعة فضية من البحر تعود لسلطان عمان فيصل بن تركي، قبل أن يتوسع في الاقتناء عبر المزادات العالمية، جامعاً بذلك جزءاً مهماً من ذاكرة الشعوب.