سباق عملات المستقبل: أوروبا تسرّع خطواتها نحو “اليورو الرقمي” بعد التحرك الأمريكي

تعيش مؤسسات الاتحاد الأوروبي حالة استنفار غير مسبوقة بعد إقرار الولايات المتحدة قانوناً تاريخياً ينظم سوق العملات المستقرة، الأمر الذي دفع العواصم الأوروبية إلى إعادة النظر بشكل عاجل في خطط إطلاق “اليورو الرقمي” الذي طال انتظاره.

القانون الأمريكي الجديد، المعروف باسم قانون جينيوس، أقره الكونجرس الشهر الماضي لتنظيم سوق ضخم تصل قيمته إلى نحو 288 مليار دولار تهيمن عليه عملات مستقرة مرتبطة بالدولار.

وبحسب محللين، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تمنح الدولار تفوقاً أكبر في مجال المدفوعات الرقمية، ما اعتُبر تهديداً مباشراً لمكانة العملة الأوروبية الموحدة.

وفي بروكسل، كشفت مصادر مطلعة أن النقاشات داخل دوائر صنع القرار الأوروبية تحولت فجأة من الحذر إلى السرعة، إذ يجري التفكير جدياً في تشغيل اليورو الرقمي على شبكات عامة مثل الإيثيريوم أو سولانا بدلاً من البنى التكنولوجية المغلقة التي كان يجري العمل عليها في السابق، رغم المخاوف المتعلقة بالخصوصية.

واعتبر أحد المسؤولين الأوروبيين أن الإقرار السريع للتشريع الأمريكي “أطلق جرس إنذار” داخل المؤسسات المالية في القارة، مضيفاً: “هناك شعور متزايد بأن علينا التحرك بسرعة قبل أن يتعزز النفوذ العالمي للدولار على حساب اليورو”.

البنك المركزي الأوروبي كان قد بدأ منذ سنوات دراسة إمكانية إصدار نسخة رقمية من اليورو تكون متاحة مجاناً لمواطني منطقة اليورو، مع تراجع استخدام النقد الورقي في المعاملات اليومية.

ويؤكد المؤيدون أن هذه الخطوة ستعزز استقلالية النظام المالي الأوروبي وتزيد من حضور اليورو على الساحة العالمية.

لكن المخاوف الأوروبية لا تقتصر فقط على المنافسة الاقتصادية، إذ حذّر بييرو سيبولوني، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، من أن التوسع السريع في استخدام العملات المستقرة المدعومة بالدولار قد يؤدي إلى “نزوح ودائع اليورو إلى البنوك الأمريكية” بما يهدد الاستقرار المالي ويقوّض الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي.

التحركات الأمريكية، إذن، لم تفتح فقط سباقاً جديداً بين الدولار واليورو، بل أعادت أيضاً رسم ملامح معركة مستقبلية حول من يملك اليد العليا في النظام المالي العالمي القائم على العملات الرقمية.