
“عودة مدرسية مثقلة بالديون”.. حقائب التعليم تتحول إلى عبء مالي على الأسر
مع اقتراب جرس العام الدراسي الجديد، يجد كثير من أولياء الأمور أنفسهم أمام تحدٍّ لا يقل صعوبة عن الرسوم الدراسية كفاتورة المستلزمات المدرسية.
فالحقيبة التي يُفترض أن تحمل أدوات بسيطة للطالب، صارت اليوم تحوي كماليات وأجهزة، تُثقل ميزانيات الأسر وتضعها أمام خيارات مالية مرهقة.
الأهالي يشتكون من أن بعض المدارس تفرض شراء أدوات من مورّدين محددين أو من علامات تجارية مرتفعة الثمن، بما في ذلك الحقائب والأحذية الرياضية ذات ألوان وتصاميم بعينها، وهو ما يحرمهم من البحث عن بدائل أقل كلفة.
وتقول أسر لديها أكثر من طفل إن ما يُنفق على المستلزمات قد يصل إلى 2000 درهم سنوياً للطفل الواحد، عدا الرسوم والأنشطة والرحلات التي تُحصَّل حتى قبل بدء الدراسة.
في المقابل، تدافع إدارات مدارس خاصة عن هذه القوائم، معتبرة أن الهدف هو الحفاظ على “المظهر العام” والانسجام بين الطلاب، فيما تُصر أخرى على أنها لا تُلزم ولي الأمر بمصدر محدد، شريطة أن تتوافق الأدوات مع معايير الجودة.
الأمر لا يقف عند حدود الدفاتر والأقلام، بل يمتد إلى طلب أجهزة لوحية وحواسيب بمواصفات عالية، وأحياناً سماعات وطابعات، رغم أن المناهج لا تستلزم ذلك.
بعض الطلبة في الصفوف الأولى مثلاً طُلب منهم شراء أطقم ألوان زيتية وفرش احترافية وأدوات هندسية كاملة، رغم قلة استخدامها.
الخبير الاقتصادي د. جمال السعيدي يرى أن جزءاً من المشكلة يكمن في غياب ثقافة التسوق الذكي، إذ يلجأ كثير من الأسر إلى شراء كل شيء دفعة واحدة، بينما يمكن الاكتفاء بالضروري وتأجيل الباقي.
وينصح بالمقارنة بين الأسعار في المتاجر والمنصات الإلكترونية، وإعادة استخدام الأدوات والحقائب الصالحة من الأعوام السابقة، مع إشراك الأبناء في عملية الشراء لزيادة وعيهم بأهمية ترشيد الإنفاق.
من جانبها، تؤكد مستشارة التربية والأسرة، أميمة حسين، أن المستلزمات الأساسية لا تتجاوز الدفاتر والأقلام والمسطرة والممحاة، مع الألوان البسيطة للصفوف الأولى، وزجاجة ماء قابلة لإعادة الاستخدام وحقيبة طعام، إضافة إلى الأدوات الخاصة بالمواد الدراسية مثل الآلة الحاسبة أو أدوات الرسم.
أما ما عدا ذلك من إكسسوارات، أو مستلزمات باهظة، فترى أنه يندرج تحت بند “الكماليات غير الضرورية” التي ترهق الأسر دون مردود تعليمي.
في المقابل، تبادر بعض المدارس إلى تقليص القوائم لتخفيف الأعباء، مكتفية بالأساسيات، تاركة لولي الأمر حرية اختيار الأسعار والعلامات التجارية المناسبة.
بين مدارس تُصر على الشكل الموحد، وأسر تبحث عن بدائل أقل كلفة، يبقى السؤال: هل تحوّلت “حقيبة العودة إلى المدرسة” من وسيلة تعليمية إلى عبء اقتصادي؟