
«فود بلوجرز».. وصفات شهرة تهدد صحة الأجيال
على منصات التواصل الاجتماعي، يتنافس عشرات المؤثرين على تقديم أطباق ضخمة ومشروبات ملونة ومأكولات مغموسة في السكر والدهون.
مشاهد براقة تجذب أنظار الأطفال والمراهقين، لكنها تخفي وراءها كارثة صحية صامتة، حيث يربط الأطباء بين هذا المحتوى وانتشار السمنة والسكري بين الفئات الأصغر سناً.
يقول آباء وأمهات إن أبناءهم باتوا يلحّون على تجربة المطاعم التي يشاهدونها في مقاطع الفيديو القصيرة، غير مدركين أن هؤلاء «المتذوقين» لا ينقلون حقيقة الطعم أو القيمة الغذائية، بل يقدمون محتوى مدفوع الأجر يهدف لزيادة الأرباح فقط.
كثير من المراهقين، بحسب شهاداتهم، أصبحوا أسرى صور الحلوى المبالغ فيها وأكوام البرغر المكدسة التي تحرّك الفضول أكثر مما تراعي الصحة.
الأطباء يحذرون من هذا المدّ التسويقي، مشيرين إلى أن «الفود بلوجرز» يسوقون أنماطاً غذائية غنية بالسكريات والدهون المشبعة، ما يزيد معدلات السمنة وأمراض القلب والسكري من النوع الثاني وحتى بعض أنواع السرطان.
وتوضح استشارية السمنة والأمراض الباطنية الدكتورة نور ناجي أن الوجبات التي يروّج لها هؤلاء المؤثرون قد تُضعف التركيز وتسبب هشاشة العظام ومشكلات في الجهاز الهضمي، فضلاً عن آثارها على الحالة المزاجية وزيادة احتمالية الاكتئاب.
ويرى مختصون في الطب النفسي أن الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة لتأثير هذه المقاطع، بحكم ضعف قدرتهم على ضبط الرغبات، وميولهم الطبيعية لتجربة كل جديد.
ويضيف استشاري الطب النفسي الدكتور محمود نجم أن التعرّض المستمر لمحتوى الأطعمة غير الصحية يخلق شعوراً زائفاً بالجوع، ويؤدي إلى سلوك إدماني يشجع على الاستهلاك المفرط.
أما أخصائية التغذية الدكتورة سناء الكردي فتشير إلى أن المشاهد المتكررة لوجبات غير صحية «تُعيد برمجة الدماغ» وتضعف السيطرة على العادات الغذائية.
في المقابل، لا ينكر العاملون في قطاع المطاعم أن «السوشيال ميديا» تحولت إلى أداة التسويق الأهم، إذ يؤكد بعضهم أن أرباح المطاعم قد تتضاعف بنسبة تصل إلى 200% بمجرد ظهورها في فيديو لمؤثر مشهور.
ويشيرون إلى أن المطاعم باتت تتسابق على التعاقد مع مؤثرين محليين وعرب لجذب الزبائن، خصوصاً من فئة الشباب.
التقارير الطبية الأخيرة تزيد من خطورة الصورة، إذ تكشف أن ثلث سكان الإمارات يعانون السمنة، وأن أكثر من 17% من الأطفال واليافعين مصابون بها.
هذه الأرقام تضع «الفود بلوجرز» تحت المجهر، باعتبارهم جزءاً من دائرة تسويق تضع المكاسب المالية فوق صحة الأجيال.
ويرى الأطباء أن الحل يكمن في تعزيز دور الأسرة بالتوعية والتشجيع على تناول الطعام الصحي، وفرض ضوابط أكثر صرامة على المؤثرين في ما يخص الإعلانات الغذائية، بحيث يصبح الترويج مسؤولية أخلاقية وقانونية، لا مجرد وسيلة لتحقيق الشهرة والانتشار.