اخبار الامارات

من الإنفاق الكامل إلى التشارك المالي.. كيف غيّرت المرأة العاملة قواعد اللعبة الأسرية

لم تعد مسؤولية الإنفاق داخل الأسرة حكراً على الرجل كما كان في السابق، إذ تشهد الحياة الزوجية اليوم تحوّلاً ملحوظاً نحو تقاسم الأعباء المالية، خاصة في الجوانب الترفيهية والكماليات مثل السفر والإقامة في الفنادق الفاخرة أو تناول الطعام في المطاعم الراقية.

هذا التحوّل، الذي تؤكده تجارب عدد من الأزواج والزوجات، يواكبه قبول اجتماعي متزايد لفكرة المشاركة، حيث ترى كثير من النساء أن المساهمة في نفقات الأسرة أمر طبيعي في ظل استقلاليتهن المالية ودخولهن سوق العمل، بل وتفوق بعضهن في الرواتب على أزواجهن.

رحلات مشتركة وأعباء مقسومة

بينت سيدات أن مشاركتهن لم تعد مقتصرة على الترفيه، بل تمتد أحياناً إلى التعليم ومصروفات المنزل، وهو ما تعتبره بعضهن تعبيراً عن وعي بدورهن في دعم الشريك.

وفي المقابل، هناك رجال يشترطون على زوجاتهم تحمّل جزء من تكاليف السفر إذا كنّ يرغبن في رحلات مكلفة، سواء مع الأسرة أو مع الصديقات.

هدايا متبادلة ومعايير جديدة

في مواقف أخرى، تتجاوز المساهمة حد النفقات المعتادة، لتصل إلى مبادرات كبيرة، مثل تقديم سيارة أو ساعة فاخرة للزوج، في إشارة إلى تغير موازين العطاء بين الطرفين.

هذه الممارسات لم تكن مألوفة قبل سنوات، لكنها باتت شائعة بين أزواج مواطنين يرون في ذلك نوعاً من المساواة الحقيقية.

الرجل بين القبول والتحفظ

بعض الأزواج يرحبون بالمشاركة المالية لكن مع تحفظات، مفضلين أن يتم ذلك بعيداً عن أعين الآخرين، حفاظاً على صورة الرجل كمصدر أساسي للإنفاق. ومع ذلك، لا ينكر هؤلاء أن الأوضاع الاقتصادية ومتطلبات الحياة الحديثة تجعل التعاون أمراً لا مفر منه.

رأي الخبراء: المشاركة ضرورة لكن بلا مساومة

الاستشارية النفسية والأسرية، الدكتورة لمى الصفدي، ترى أن اندماج المرأة في سوق العمل وارتفاع دخلها جعلا فكرة الإنفاق المشترك منطقية، خاصة مع شغف النساء بالسفر والخروج، لكنها تحذّر من تحويل الأمر إلى شرط أو وسيلة ضغط. وتشدد على أن التفاهم المسبق هو الضمان لاستمرار الود وعدم شعور أي طرف بالاستغلال.

أما المستشار الاجتماعي الدكتور أحمد البركاني، فيصف المساهمة في الكماليات بأنها “إيجابية” إذا كانت برغبة الطرفين، مع التأكيد على بقاء الرجل ملتزماً بالأساسيات.

ويضيف أن هذه الثقافة تحمي الأسر من الديون الناتجة عن الترف المبالغ فيه، وتشجع الأبناء العاملين أيضاً على الإسهام عند المناسبات الأسرية الكبيرة.

جيل جديد بثقافة مختلفة

من جهتها، تشير الدكتورة مايا الهواري، استشارية العلاقات الأسرية، إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة جعل المشاركة أمراً عملياً يضمن الحفاظ على مستوى الحياة المرفّهة، لاسيما بين الجيل الجديد من المتزوجين الطموحين الذين يعملون معاً لتحقيق الاستقرار والرفاهية.

وتلفت إلى أن كثيراً من المواطنات يساعدن أزواجهن في تغطية بعض النفقات الأساسية بهدوء ودون علم العائلة، حفاظاً على توازن الحياة الزوجية.

في النهاية، يبدو أن مشهد الإنفاق الأسري في المجتمع المحلي يتجه نحو شراكة حقيقية، تتجاوز كونها مساهمة مالية لتصبح انعكاساً لفهم جديد للعلاقات، يقوم على التعاون وتوزيع الأدوار بما يتناسب مع قدرات كل طرف.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى