اختبارات نفسية للمعلمين.. خطوة لحماية الأجيال المقبلة
لم يعد الحديث عن كفاءة المعلمين مقتصراً على الشهادات الأكاديمية والخبرات التربوية، بل امتد ليشمل الجانب النفسي الذي ينعكس بشكل مباشر على شخصية الطالب ومستقبله.
ومع اقتراب العام الدراسي الجديد، تتصاعد المطالبات من أولياء الأمور وخبراء التربية والصحة النفسية بضرورة إدراج التقييم النفسي كشرط أساسي لتوظيف المعلمين، بل واعتماده بشكل دوري خلال مسيرتهم المهنية.
يرى تربويون أن وجود معلمين يتمتعون بتوازن نفسي واستقرار عاطفي هو الضمان الحقيقي لبيئة تعليمية آمنة ومحفزة، خصوصاً في ظل تنوع الثقافات داخل المدارس.
فالاختبارات النفسية، بحسب مختصين، لا تهدف إلى التشكيك في قدرات المعلم، بل إلى التأكد من امتلاكه مهارات مثل الصبر، والتعاطف،و المرونة، والوعي الذاتي، وهي عناصر توازي في أهميتها المؤهل العلمي وربما تتفوق عليه في تأثيرها على الطالب.
الدكتورة فاطمة المراشدة، خبيرة القيادة التربوية، توضح أن هذه الاختبارات ضرورية خصوصاً في المدارس التي تضم كوادر من خلفيات ثقافية متعددة، إذ تساعد على التأكد من قدرة المعلم على التعامل مع ضغوط العمل التربوي واحتياجات الطلبة المتنوعة، الأمر الذي ينعكس على استقرار المناخ التعليمي ويقلل من المشكلات السلوكية.
من جانبها، ترى الخبيرة في مجال الطفولة المبكرة مريم الظهوري أن المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو مؤثر في بناء شخصية الطفل وقيمه، ما يستلزم أن يكون مؤهلاً نفسياً للتعامل مع ضغوط المهنة والتنوع الثقافي داخل الصفوف.
وتؤكد أن شخصية المعلم المتزنة قادرة على احتواء الطلبة وإدارتهم بذكاء عاطفي، بعيداً عن العصبية أو الانفعال.
الاستشاري النفسي الدكتور مدحت الصباحي يحذر من أن بعض السمات الشخصية السلبية لدى المعلمين، مثل التوتر أو العصبية أو الانحياز، قد تنتقل إلى الطلبة عبر التقليد، حتى لو لم تكن مرضاً نفسياً مباشراً.
أما الدكتور نوفل إياد فيشير إلى أن خريجي كليات التربية يدرسون بالفعل مساقات في علم النفس، لكن تطبيق الاختبارات النفسية عند التوظيف سيساعد على كشف السمات الشخصية ومدى ملاءمتها للتعامل مع الأطفال، خصوصاً في المراحل المبكرة.
المعلمون أنفسهم لا ينكرون أن مهنتهم مليئة بالتحديات، بدءاً من كثافة المهام وقلة الوقت، مروراً بضعف الرواتب، وصولاً إلى التعامل مع سلوكيات الطلاب الصعبة، وهو ما قد يؤدي إلى احتراق نفسي يؤثر على أدائهم.
بدورها، توضح دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي أن إجراءات التوظيف في المدارس الخاصة لا تتضمن حالياً اختباراً نفسياً إلزامياً، لكنها تعتمد على مقابلات شاملة لتقييم شخصية المرشح وقدرته على التفاعل مع الطلبة، إضافة إلى مراجعة المؤهلات والخبرة، مع إخضاع المعلم لفترة تجربة قبل تثبيته.
ورغم هذه الإجراءات، يطالب أولياء الأمور بإضافة شرط الحصول على دبلوم أو شهادة في التأهيل النفسي والتعامل مع الأطفال، ليصبح المعلم مؤهلاً أكاديمياً ونفسياً قبل دخوله الصف، إذ يرون أن تأثير المعلم في تشكيل عقلية الطالب لا يقل عن تأثير الأسرة إن لم يزد عليه.