“ولد البلاد” في الواجهة.. قصص نجاح إماراتية ترسم ملامح جديدة للقطاع الخاص
في قلب المراكز التجارية الحيوية بدبي، يخط المواطنون الإماراتيون قصص نجاح ملهمة تعكس تحوّلًا واضحًا في نظرتهم إلى العمل في القطاع الخاص.
لم يعد هذا القطاع خيارًا مؤقتًا أو محطة انتقالية كما كان يُعتقد في السابق، بل بات مسارًا مهنيًا جادًا يفتح الأبواب أمام الطموحين، ويتيح فرصًا حقيقية للتطور واكتساب المهارات، في ظل دعم متزايد من القيادة الرشيدة وبرامج التوطين، وعلى رأسها برنامج “نافس”.
تروي خديجة مبارك، التي تعمل في خدمة العملاء منذ ثلاث سنوات، كيف منحها القطاع الخاص مساحة للنمو الشخصي والمهني، مؤكدة أن تنقلها بين عدة شركات ساعدها على تعزيز ثقتها بنفسها، وفهم السوق بشكل أعمق، وهو ما جعلها تفضل هذا القطاع على العمل الحكومي لما يوفره من مرونة ومزايا وحوافز.
وتشاطرها الرأي منال مشعل، التي ترى في تجربتها بابًا للاستقلالية واكتساب مهارات جديدة في التعامل مع مختلف الجنسيات، معتبرة أن التنوع والاحتكاك اليومي بسوق العمل زاد من وعيها وجعلها أكثر نضجًا وثقة.
من جهتها، تعتبر حمدة صلاح النوبي أن برنامج “نافس” كان نقطة التحول التي دفعتها إلى خوض تجربة العمل في القطاع الخاص بكل حماسة، مؤكدة أن البرنامج أتاح لها الانطلاق بسرعة وكفاءة، كما منحها دافعًا للتفكير في خطوات مستقبلية طموحة، منها تأسيس مشروعها الخاص.
ولا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لحمد عيسى المحرزي، الذي تجاوز التحديات بثقة، ولم ينتظر وظيفة حكومية، بل بادر إلى دخول سوق العمل الخاص، معتمدًا على نفسه، ومؤمنًا بأن الاجتهاد والمبادرة يصنعان الفارق.
ويؤكد سلطان الرواحي أن نظرة المجتمع بدأت تتغير بشكل إيجابي تجاه المواطنين في القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن تفاعلات الزوار الإيجابية تعكس الثقة التي يمنحها وجود المواطن في واجهة تقديم الخدمة.
وفي السياق ذاته، يرى المهندس سعيد محمد سالم أن القطاع الخاص يمكن أن يكون منصة للقيادة والتطور السريع، مشيرًا إلى أن الدعم المستمر من الدولة عزز فرص التدريب والتأهيل، وساعده على الصعود إلى مناصب متقدمة.
منصور عيسى يصف تجربته في القطاع الخاص بأنها ثرية ومليئة بالدروس، حيث تعلم الالتزام والانضباط وتحمل المسؤولية، وأكد أن القيمة الحقيقية في العمل لا تكمن في المسمى الوظيفي، بل في أثر الجهد والإخلاص.
بينما يشير نبيل مصلح المنصوري إلى أن وجود المواطن في الصفوف الأمامية يعزز ثقة الزوار وجودة الخدمة، لافتًا إلى أن تجربته في القطاع الخاص وفرت له فرصًا متعددة للتطوير والتحفيز.
أما محمد الشيباني، الذي يعمل في قطاع التجزئة منذ سنوات، فيؤكد أن عمله اليومي مع الزبائن أكسبه مهارات متراكمة في التواصل وفهم سلوك العملاء، وشعر بفخر لكونه جزءًا من منظومة تخدم الناس وتدعمه في الحفاظ على توازن بين عمله وحياته الشخصية.
الأرقام الرسمية تعكس بدورها هذا التحول الإيجابي، فقد ارتفع عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى أكثر من 152 ألف موظف ضمن أكثر من 29 ألف شركة، حتى نهاية يونيو الماضي.
ويُعزى هذا النمو إلى فاعلية برامج التوطين الحكومية، وتزايد وعي الشركات بأهمية دعم الكفاءات الوطنية. ويتوقع أن يشهد النصف الثاني من العام الجاري قفزة إضافية في التوطين، لا سيما في الشركات التي يعمل فيها 50 موظفًا فأكثر، وفي القطاعات المحددة ضمن 14 نشاطًا اقتصاديًا رئيسًا.
هذا التوسع يعزز من استدامة سوق العمل الإماراتي، ويُثبت أن القطاع الخاص أصبح منصة فعلية لبناء مستقبل مهني مستقر ومزدهر لكل مواطن طموح.