اخبار العالم

رسوم ترامب تربك الاقتصاد الإسرائيلي وتفتح بابًا لأزمة تجارية مع واشنطن

في خطوة غير متوقعة، أثارت السياسة الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صدمة في الأوساط السياسية والاقتصادية بإسرائيل، بعد قراره فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة.

الإعلان المفاجئ جاء قبل ساعات من تنفيذ خطته الشاملة لإعادة صياغة التبادل التجاري الأمريكي مع عدد من الدول، ومن بينها تل أبيب.

وكان من المتوقع، بحسب تقارير صحفية إسرائيلية، أن يتم الاتفاق على فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% فقط، وهي نسبة كانت محل تفاهم أولي بين الجانبين، إلا أن انسحاب الجانب الأمريكي من المفاوضات فجأة نسف تلك التوقعات، وألقى بظلال من القلق على العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

العديد من الصحف العبرية سلطت الضوء على الموقف الإسرائيلي المرتبك، حيث كانت حكومة نتنياهو حتى اللحظات الأخيرة تتوقع تثبيت الرسوم عند مستوى 10%، خصوصًا بعد تطبيق رسوم مؤقتة مشابهة قبل أشهر، إلا أن هذا التفاؤل تبدد مع إعلان التعريفة الجديدة، ما اعتُبر نكسة دبلوماسية واقتصادية لإسرائيل.

كبار المسؤولين الإسرائيليين، ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الاقتصاد نير بركات، دخلوا في مفاوضات مكثفة مع نظرائهم في الإدارة الأمريكية، أملاً في التوصل إلى اتفاق يراعي ظروف الحرب المستمرة في غزة.

كما ناقش رئيس الوزراء نتنياهو هذا الملف مع ترامب شخصيًا، مطالبًا بتخفيض الرسوم كنوع من الدعم في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة، لكن المحادثات لم تؤتِ النتائج المرجوة.

من جهته، أعرب رئيس اتحاد المصنعين في إسرائيل، رون تومر، عن أسفه الشديد، واصفًا القرار بأنه لا يعكس طبيعة العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب.

واعتبر أن الخطوة الأمريكية لا تتماشى مع مستوى الصداقة والتحالف الذي يُفترض أن يجمع البلدين، لا سيما في المجال الاقتصادي.

ورغم هذا التصعيد الجمركي، لا تزال هناك مساعٍ إسرائيلية لاحتواء الموقف عبر المفاوضات. وهناك تفاؤل حذر بإمكانية التوصل إلى تفاهم لاحق، لا سيما مع استمرار المحادثات في الأسابيع القادمة.

الإدارة الأمريكية، من جانبها، بررت فرض الرسوم بأنه يأتي في سياق مراجعة شاملة للعلاقات التجارية مع بعض الدول التي لا تقدم “معاملة متبادلة”، حسب وصفها، متهمة بعض الشركاء التجاريين بعدم الالتزام بما يتوافق مع المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة.

وتُظهر البيانات الاقتصادية أن إسرائيل تحقق فائضًا تجاريًا واضحًا مع الولايات المتحدة، حيث تصدر بضائع بقيمة 20 مليار دولار سنويًا، مقابل واردات لا تتجاوز 13 مليار دولار، ما يعكس عجزًا أمريكيًا بقيمة 7 مليارات دولار، أي نحو 35% من حجم التبادل التجاري.

الجدير بالذكر أن البلدين يرتبطان باتفاقية تجارة حرة منذ عام 1985، دخلت حيز التنفيذ الكامل في 1995، وتضمنت إلغاء الرسوم الجمركية على معظم السلع الصناعية، باستثناء المنتجات الزراعية التي ظلت خاضعة لقيود من الجانبين.

ومع تزايد القلق الإسرائيلي من هذه السياسات الجديدة، كانت الحكومة قد أعلنت في أبريل الماضي إلغاء جميع الرسوم الجمركية على السلع الزراعية الأمريكية، في خطوة وُصفت بأنها محاولة استرضاء للإدارة الأمريكية، إلا أن الرد الأمريكي جاء معاكسًا، إذ أعلنت في اليوم التالي عن فرض رسوم أولية على الصادرات الإسرائيلية، ما زاد من تعقيد المشهد.

السياسة الجمركية الجديدة تضع العلاقة الاقتصادية بين البلدين أمام اختبار صعب، وتفتح بابًا لتوترات محتملة في ظل تراجع التنسيق التجاري، الذي طالما شكل ركيزة أساسية في تحالفهما الاستراتيجي.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى