اعتراف بريطانيا بفلسطين: قرار تاريخي يفرض نفسه وسط ضغوط سياسية وتاريخية
يستعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لعقد اجتماع وزاري طارئ خلال هذا الأسبوع وسط تصاعد الضغوط السياسية المطالبة بتغيير جذري في سياسة المملكة المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، تمهيدًا للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية.
الاهتمام لا ينصب الآن على نية الاعتراف من عدمها، بل على التوقيت الأمثل الذي يمكن أن يحقق من خلاله هذا القرار أقصى تأثير سياسي ودبلوماسي.
فهذه الخطوة بطبيعتها لا يمكن التراجع عنها أو إعادة صياغتها لاحقًا، بخلاف الاتفاقيات السياسية الأخرى. ولهذا السبب، فإن ستارمر يواجه تحديًا حساسًا في تحديد اللحظة الأنسب لاتخاذ قرار سيكون له تداعيات تاريخية ودولية.
في الوقت الراهن، تتمسك السياسة البريطانية بدعم حل الدولتين، مع التعهد بالاعتراف بدولة فلسطين في إطار عملية سلام شاملة، دون تحديد جدول زمني واضح.
غير أن التصريحات الأخيرة لستارمر، والتي وصف فيها الدولة الفلسطينية بأنها “حق غير قابل للتصرف”، أثارت تكهنات بأنه يقترب من خطوة الاعتراف الفعلي، خاصة في ظل التصعيد المتواصل في المنطقة.
الاعتراف المحتمل لن يكون مجرد لفتة رمزية، بل سيمنح فلسطين شرعية دبلوماسية أوسع، ويعزز فرصها في الحصول على اعتراف أوسع من المنظمات والهيئات الدولية. وهذا ما يعطي القرار البريطاني المرتقب أهمية إضافية، خصوصًا بالنظر إلى الإرث التاريخي للمملكة المتحدة في تأسيس دولة إسرائيل من خلال “وعد بلفور”، ما يضفي على أي قرار في هذا الاتجاه طابعًا رمزيًا قويًا.
الأجواء السياسية داخل الحكومة البريطانية مشحونة بالجدل، لا سيما بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستكون أول دولة من مجموعة السبع تعترف رسميًا بفلسطين.
هذا الإعلان زاد من الضغط على ستارمر، وأدى إلى انقسام واضح داخل حكومته. فبينما تدعم وزيرة العدل شبانة محمود ونائبة رئيس الوزراء أنجيلا راينر الاعتراف الفوري، تتريث شخصيات أخرى مثل المستشارة راشيل ريفز، محذرة من التسرع في اتخاذ مثل هذا القرار المصيري.
بريطانيا اليوم تقف عند مفترق طرق، والقرار المنتظر قد يحمل في طياته إعادة صياغة لدورها التاريخي ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه قضية مضى عليها أكثر من قرن.