صيف بلا خطة.. 5 مخاطر صامتة تهدد أبناءنا في وقت الفراغ
مع حلول الإجازة الصيفية، يجد كثير من الأبناء أنفسهم أمام ساعات طويلة من الفراغ غير المنظم، وهو ما يفتح الباب أمام مخاطر خفية قد تؤثر على مستقبلهم.
وأكد مختصون أن هذه المرحلة الحرجة من العام تتطلب وعياً مضاعفاً من الأسرة، مشيرين إلى أن سوء استغلال وقت الفراغ يمكن أن يؤدي إلى خمس نتائج سلبية رئيسية منها ،الانحراف السلوكي،و الإدمان الرقمي، والتعرض للتحرش والاستغلال، الانعزال الاجتماعي، وضياع فرص التعلم والتطوير.
وتسعى مؤسسات مختلفة في الدولة إلى تقديم حلول فاعلة من خلال أنشطة صيفية ترفيهية وتثقيفية، تُعد بمثابة استثمار اجتماعي في الجيل القادم ،فهذه المبادرات لا تقتصر على الترفيه، بل تسهم في تخفيف التوتر وبناء الثقة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية.
وتحدث الخبير التربوي الدكتور سعيد نوري عن أثر الفراغ الطويل على سلوك الأبناء، مؤكداً أن غياب التوجيه قد يدفعهم نحو عادات سيئة مثل التدخين أو الانجراف خلف أصدقاء السوء.
كما حذر من أن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية يجعل الطفل عُرضة للإدمان الرقمي والانطواء، إضافة إلى ضعف التركيز وصعوبة العودة للانضباط الدراسي بعد الإجازة.
واقترح نوري مجموعة من الأنشطة الإيجابية التي تساعد الأبناء على الاستفادة من وقتهم، مثل الدورات التعليمية في اللغات أو البرمجة، وممارسة الرياضة، والانخراط في أنشطة ثقافية كالمسرح والرسم والموسيقى، إلى جانب المشاركة في العمل التطوعي، الذي يعزز روح المسؤولية والانتماء.
ومن زاوية حماية الطفل، شدد الدكتور حمد البقيشي، نائب لجنة الدراسات والبحوث في جمعية الإمارات لحماية الطفل، على أهمية دور الأسرة في توجيه أبنائها خلال الإجازة.
وقال إن غياب الرقابة الأسرية أو وجود وقت فراغ دون خطة واضحة يعرّض الأبناء لخطر الانحراف والانغلاق، موضحاً أن العمل التطوعي يمثل وسيلة ممتازة لبناء الشخصية وتنمية الوعي.
وأشار إلى أن التحديات التي يواجهها الأطفال والمراهقون حالياً كالإعلام المفتوح والتقنيات الحديثة تتطلب يقظة من الأسرة والمجتمع، لضمان بيئة آمنة وجاذبة تحفظ الأبناء من السقوط في فخاخ العالم الرقمي أو الصحبة السيئة.
وفي السياق ذاته، أكدت المستشارة القانونية موزة المطروشي أن سوء استخدام وقت الفراغ قد يضع الأبناء أمام مخاطر قانونية واجتماعية.
وعدّدت خمسة تهديدات واضحة، أبرزها: الانحراف السلوكي نتيجة غياب التوجيه، الإدمان الرقمي بسبب الاستخدام المفرط للتقنية، واحتمالية التعرض للتحرش أو الاستغلال،و فقدان المهارات الاجتماعية، وأخيراً ضياع فرص التعليم والتطوير الذاتي.
وأوضحت أن القوانين الإماراتية، وعلى رأسها “قانون وديمة” وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، تلزم الجهات المعنية بحماية الطفل من أي إساءة أو إهمال.
وشددت على أن ترك الطفل دون أنشطة بنّاءة خلال الإجازة قد يُعد مخالفة صريحة لتلك القوانين، خاصة إذا تعرّض الطفل لأذى نفسي أو جسدي نتيجة الإهمال الأسري.
وفي تحليل نفسي لأثر الفراغ، رأت الدكتورة هاجر عادل محمد، أستاذ مساعد الإرشاد الأسري بجامعة الفجيرة، أن أوقات الفراغ من دون هدف تحوّل الطفل إلى فريسة سهلة “لصوص العقول” في إشارة إلى وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية التي تستهلك الوقت دون فائدة.
وأشارت إلى أن عدم توجيه طاقات الطفل بشكل إيجابي قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية كالاكتئاب والعدوانية والعزلة، خاصة في مرحلة المراهقة، حيث يكون العقل في أعلى درجات الفضول والحاجة للاكتشاف.
ودعت إلى ترسيخ مفهوم “الوقت مسؤولية”، وأن يكون للطفل برنامج صيفي متوازن بين الترفيه والتعليم والعمل الجماعي.
من جهة أخرى، أكدت وزارة التربية والتعليم أهمية العطلة الصيفية كفرصة لبناء جيل متجدد، عبر المشاركة في برامج تعليمية وترفيهية مدروسة، لافتة إلى أن إهمال هذه الفرص يعد تفريطاً في حق الطفل في التعليم المستمر، ويؤثر على مستقبله الأكاديمي.
وفي الختام، شدد الخبراء على أن حماية الأبناء خلال الصيف لا تتعلق فقط بالرقابة، بل بخلق بدائل جذابة ومفيدة. فالفراغ، كما وصفه الفلاسفة، إذا لم يُملأ بالخير، امتلأ بما يضر.
والأمر بيد الأسرة أولاً، ثم المدرسة والمجتمع، لتوجيه الأبناء نحو صيف مليء بالفرص، لا المخاطر.