اخبار الامارات

في قلب الصحراء.. دبي تصنع عالماً من المياه والمرح

في الوقت الذي تتجاوز فيه درجات الحرارة معدلاتها المعتادة خلال صيف الخليج، تبرز دبي كوجهة استثنائية تنقلك من قيظ الصحراء إلى عالم مائي ينبض بالحياة، حيث تتعانق الأمواج الاصطناعية مع المنزلقات المذهلة، في تجربة فريدة لا تشبه سوى خيالٍ متقن الصنع.

على أراضٍ كانت يوماً رمالاً قاحلة، نشأت حدائق مائية ضخمة شكّلت رئة ترفيهية نابضة بالحيوية، ومثّلت أحد أبرز أسرار تفوّق دبي كوجهة عالمية للترفيه والسياحة.

لم تعد ناطحات السحاب ومراكز التسوق وحدها عنوان شهرة دبي، بل أصبحت المتنزهات المائية ركناً أساسياً في خريطة الجذب السياحي، حيث توفر تجارب غنية تمزج بين اللعب، والإبهار، والراحة البصرية، والخدمة الراقية إنها أماكن لا تقتصر على الترفيه، بل تُعيد تعريف مفهوم المتعة الصيفية.

واحدة من أقدم هذه الوجهات وأكثرها شهرة هي “وايلد وادي”، التي استقبلت زوارها للمرة الأولى عام 1999، بجوار برج العرب، لتشكل انطلاقة الحلم المائي في المدينة. الحديقة صُممت بإلهام من شخصية “جحا”، وتضم اليوم أكثر من 30 لعبة مائية تناسب جميع الأعمار.

ورغم ظهور حدائق جديدة، مازالت “وايلد وادي” تحظى بمكانة خاصة بفضل موقعها المميز وتحديثاتها المستمرة، فضلاً عن التزامها الصارم بمعايير الأمان والتنوع الترفيهي.

أما على الطرف الآخر من الفخامة والضخامة، تبرز “أكوافنتشر” في أتلانتس النخلة كمدينة مائية لا يُعلى عليها، تمتد على مساحة تزيد عن 22 هكتاراً، وتُعد الأكبر عالمياً من حيث عدد التجارب المائية، بما يفوق 105 لعبة ومنزلق.

من بين أبرز المغامرات هناك، “قفزة الإيمان”، حيث ينزلق الزائر من ارتفاع شاهق عبر نفق يمر بين أحواض القروش، في تجربة تجمع بين الإثارة والرعب اللذيذ.

الحديقة لا تكتفي بالإبهار الحركي، بل توفر تجارب تعليمية بحرية، تتيح للزوار السباحة مع الدلافين، وإطعام الكائنات البحرية، واستكشاف عالم الأعماق في بيئة خاضعة لأعلى درجات السلامة.

وفي مشهد آخر، وعلى ضفاف الخليج مباشرة، تقع “لاجونا ووتر بارك” في منطقة “لا مير”، وهي حديقة صغيرة المساحة لكنها كبيرة الأثر. بفضل تصميمها العصري وألعابها الذكية، وخاصة جهاز “ويف أوز 180” لركوب الأمواج الاصطناعية  الأول من نوعه في الشرق الأوسط  نجحت في استقطاب فئة واسعة من الشباب والعائلات الباحثة عن متعة دون تعقيد.

الحديقة تمزج بين روح البحر وأجواء الحدائق المائية، لتقدم تجربة تبعث على الاسترخاء والمتعة في قلب المدينة.

أما الصغار فلهم عالمهم الخاص داخل “ليغولاند ووتر بارك”، المصممة للأطفال بين عامين و12 عاماً، ضمن مشروع “دبي باركس آند ريزورتس”.

الفكرة ليست مجرد مرح، بل تشجيع الطفل على التفاعل، إذ يمكنه بناء الألعاب والمنزلقات باستخدام مكعبات “ليغو” عملاقة، ثم تجربتها فعلياً، ما يعزز روح الإبداع والمشاركة. كل تفصيلة هناك مصممة لسلامة الأطفال وراحة الوالدين، من عمق المياه إلى رقابة المشرفين.

ما يميز هذه الحدائق، إلى جانب الترفيه، هو كونها فضاءً اجتماعياً مفتوحاً يجمع الأسر من مختلف الجنسيات، ويعزز صورة دبي كمدينة تقدم نمط حياة متكاملاً حتى في أقسى شهور الصيف.

ومن يقف على إحدى منصات الألعاب المرتفعة في “أكوافنتشر” أو “وايلد وادي”، يرى مشهداً ساحراً لا يتكرر: مياه تتماوج وسط ناطحات السحاب، بحر يمتد بجوار الرمال، وحدائق تسبح في قلب الصحراء.

المتنزهات المائية في دبي ليست مجرد أدوات لتبريد الأجواء، بل انعكاس لرؤية مدينة قررت أن تقول للعالم: “حتى في الصحراء، نستطيع أن نصنع جنّة”.

ولعل الزائر يخرج منها بلون بشرة أغمق، لكنه يغادر محمّلاً بذكريات وتجارب لا تُنسى، تعيش في الصور والروايات لسنوات قادمة.

ومن زاوية أخرى، تمثل هذه الحدائق مشاريع استراتيجية ضخمة، ترفد الاقتصاد المحلي بعدد هائل من الزوار سنوياً، وتخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، كما تنشط قطاعات متعددة كالفنادق، والمطاعم، وخدمات النقل إنها ليست فقط وجهات للترفيه، بل استثمار ذكي في بنية السياحة المستقبلية.

هكذا، تواصل دبي رحلتها في تحويل المستحيل إلى ممكن، حتى تصبح عاصمة لا تهزمها حرارة، ولا يوقفها مناخ.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى