إيمان المري.. من ذكريات الطفولة إلى زراعة الأمل في بيوت الإمارات
في ظل تسارع وتيرة الحياة اليومية، وجدت الإماراتية إيمان المري طريقها نحو التوازن والسكينة من خلال شغف قديم نما معها منذ الطفولة، لتحوله اليوم إلى مشروع وطني ملهم يسعى لنشر “اللون الأخضر” في كل بيت، ولو بنبتة واحدة.
تجربتها لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة سنوات من التأمل في تفاصيل الحياة اليومية، بدأت حينما كانت تراقب والدتها وهي تعتني بمزرعتها المنزلية، تلك اللحظات البسيطة رسخت في نفسها حب الأرض والنبات، وعمّقت فيها الشعور بالطمأنينة والانتماء للطبيعة.
وتروي إيمان كيف تحوّل هذا الحب المبكر إلى قرار مهني، لتصبح الزراعة فيما بعد مجال تخصصها ومصدر إلهامها، حتى اختارت أن تشارك هذا الشغف مع المجتمع عبر مشروعها البيئي المميز (Plant with Amy)، الذي بدأ من منشورات بسيطة على “إنستغرام” لتجاربها الزراعية، وتحوّل إلى ورش تعليمية ملهمة للكبار والصغار.
لكن الطريق نحو هذا النجاح لم يكن معبداً، فقد واجهت تحديات عدة، كان أبرزها النظرة التقليدية إلى الزراعة كعمل بسيط أو غير مهم، بالإضافة إلى محاولتها الدؤوبة للتوفيق بين دورها كأم ومسيرتها المهنية، خاصة أنها بدأت المشروع منفردة، دون فريق داعم، الأمر الذي علمها الصبر والتوازن، وجعل من شغفها دافعاً حقيقياً للاستمرار والتأثير.
إيمان لا ترى في الزراعة مجرد إنتاج غذائي، بل تعتبرها أسلوب حياة ووسيلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتسعى من خلال ورشها الأسبوعية إلى تبسيط خطوات الزراعة المنزلية، وتمكين كل فرد في الإمارات من خوض هذه التجربة، مهما كانت المساحة صغيرة، ومهما كان الوقت محدوداً.
وتؤمن بأن التربة هي البداية الحقيقية لكل مشروع زراعي ناجح، لذا اعتمدت منهجاً علمياً في دراستها لأنواع التربة والكائنات الدقيقة، واختبرت طرقاً طبيعية لتنشيطها دون استخدام المواد الكيميائية، لتبرهن من خلال تجاربها أن الزراعة الصحية تبدأ من أرض حيّة.
ومن خلال ورشها في المدارس والحدائق والمعارض، تلمس الخبيرة الإماراتية شغف المشاركين وهم يتعرفون على زراعة أول نبتة، وعلى الفروقات بين أنواع التربة، مؤكدة أن هذه اللحظات التفاعلية تشكل حافزاً لها لمواصلة رسالتها.
وترى إيمان أن الزراعة ليست صعبة كما يعتقد البعض، بل يمكن لأي شخص أن يبدأ بنبتة واحدة، دون الحاجة لمساحة كبيرة، مشددة على أن هذه الخطوة الصغيرة تساهم في تعزيز الصحة الأسرية، وتدعم أهداف الاستدامة التي تسعى الإمارات إلى تحقيقها.
وتعبر عن رؤيتها المستقبلية بتفاؤل كبير، في ظل الدعم الرسمي الواسع للمبادرات البيئية، معتبرة أن ما ينقص البعض فقط هو الوعي والرغبة في تجربة هذا العالم، الذي يمنح الإنسان سعادة مختلفة، وتواصلاً وجدانياً مع الطبيعة يصعب أن يجده في غيره من الأنشطة.
وفي كلماتها الختامية، تؤكد إيمان: “الزراعة ليست رفاهية، بل وسيلة حقيقية لإعادة التوازن لحياتنا، فحتى التعب الذي نبذله في هذا المجال، له طعم مختلف، لأنه يرتبط بالحياة، بالعطاء، وبقيمة كل ما نزرعه ونرعاه بأيدينا”.