«الفاية» تضيء خريطة التراث العالمي.. إنجاز إماراتي يُخلّد عبقرية الإنسان القديم
في إنجاز لافت يعكس عمق الجهود الإماراتية لحماية التراث الإنساني، أعلنت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي عن إدراج “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ووصفت هذا الحدث التاريخي بأنه انتصار ليس فقط لإمارة الشارقة، بل لدولة الإمارات والمنطقة العربية بأكملها.
وخلال احتفالية رسمية نُظّمت في العاصمة الفرنسية باريس، عبّرت بدور القاسمي – بصفتها السفيرة الرسمية لملف الترشيح – عن فخرها بالنجاح الذي حققته الشارقة، مؤكدة أن هذا الاعتراف العالمي يجسد التزام الإمارة الدائم بالحفاظ على الإرث الحضاري، والعمل المتواصل على نقله للأجيال المقبلة.
١وأشارت إلى أن “الفاية” كان الموقع العربي الوحيد المُرشّح خلال الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي، ما يجعل هذا التتويج مصدر اعتزاز خاص.
ويعد موقع الفاية ثاني موقع إماراتي يُسجّل في قائمة التراث العالمي بعد مواقع مدينة العين المدرجة في عام 2011، ما يعزز موقع الدولة على خارطة التراث الإنساني العالمي. وأشادت بدور القاسمي بجميع من أسهم في تحقيق هذا الإنجاز، معتبرة أنه نتيجة لجهود جماعية استمرت سنوات من البحث والعمل المتواصل.
وفي كلمته خلال الحفل، عبّر المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى اليونسكو، علي الحاج العلي، عن اعتزاز الدولة العميق بمساهمتها الفعالة في دعم رسالة اليونسكو، موضحاً أن التراث الإنساني لا يقتصر على المواقع، بل يشمل روايات الشعوب، وهوياتها، وقيمها التي تتخطى الحدود الجغرافية.
وأكد أن إدراج “الفاية” يمثل خطوة نوعية لتوسيع تمثيل الثقافات العربية في السجل العالمي، بعد أن بقيت هذه المناطق طويلاً خارج دائرة الضوء.
الاحتفال بالإدراج ضم شخصيات دبلوماسية وخبراء تراث من مختلف أنحاء العالم، واستعرض جهود الباحثين والعلماء الذين عملوا على ملف “الفاية” على مدار السنوات الماضية. كما شهد الحفل عرضاً مرئياً يروي رحلة الاكتشاف، والتعاون المشترك الذي أسهم في إعداد الملف بما يتوافق مع المعايير الدولية.
من جانبه، ثمّن المدير العام لهيئة الشارقة للآثار، عيسى يوسف، هذا الإنجاز، ووجّه الشكر لجميع الشركاء الدوليين والمحليين الذين أسهموا في هذا العمل، مشيراً إلى أن إدراج “الفاية” يفتح آفاقاً جديدة لفهم أعمق للتاريخ البشري المبكر، ويدفع باتجاه تعزيز العمل البحثي والتعاوني في مجال علم الآثار.
ويحمل “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” قيمة استثنائية، كونه يُمثّل شاهداً على قدرات الإنسان القديم في التكيّف مع بيئات قاسية، مثل صحراء شبه الجزيرة العربية، قبل أكثر من 200 ألف عام. وتشير الطبقات الأثرية في الموقع إلى نشاط بشري مستمر، يكشف أن المنطقة لم تكن مجرد معبر، بل كانت مستقراً ومركزاً للتفاعل الحضاري والتطور الإنساني.
هذا الاعتراف العالمي لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج رؤية إماراتية تؤمن بأن الحفاظ على التراث هو جزء من بناء المستقبل، وأن لكل حجر وقصة في أرضنا ما يستحق أن يُروى ويُحفظ، ليكون شاهداً على عراقة الإنسان في هذه البقعة من العالم.