
عروض مغرية تخفي وراءها عمليات احتيال إلكتروني تستهدف أموال وبيانات الأفراد
تزايدت خلال الآونة الأخيرة التحذيرات من أساليب احتيال إلكتروني متطورة تستهدف الضحايا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يعمد المحتالون إلى الترويج لإعلانات وهمية تحمل عروضاً مغرية، مستغلين حاجة الأفراد للشراء بأسعار مخفضة أو خوفهم من تفويت الفرص، ويقع كثيرون في فخ هذه الإعلانات، التي تنتهي بسرقة أموالهم وبياناتهم المصرفية.
وزارة الداخلية ومجلس الأمن السيبراني وخبراء في الأمن الرقمي، شددوا على ضرورة الحذر من هذه الأساليب الاحتيالية، داعين الأفراد إلى استخدام وسائل دفع آمنة وتجنب التعامل مع مواقع مشبوهة أو بائعين مجهولين.
إعلانات مزيفة ومصائد نفسية
الإعلانات الاحتيالية تنتشر بشكل ملحوظ على مواقع التواصل الاجتماعي، وتروّج لسلع وخدمات متنوعة تشمل العقارات، و الوجبات الجاهزة،و التأمين،و المزادات،و تذاكر السفر، وحتى فرص الاستثمار في الأسهم والبورصات.
ويعتمد المحتالون في خداعهم على أساليب نفسية دقيقة، أبرزها استخدام عبارات مثل: “العرض الأخير”، و”تبقّت قطعة واحدة فقط”، لإقناع الضحايا باتخاذ قرارات متسرّعة دون التحقق من صحة الإعلان أو مصدره.
تحذيرات رسمية من الوقوع في الفخ
وزارة الداخلية دعت الأفراد إلى ضرورة الإبلاغ عن أي عملية احتيال إلكتروني عبر منصة الجرائم الإلكترونية في تطبيق الوزارة.
كما شددت على أهمية التحقق من صحة الإعلانات وتجنّب تحويل الأموال للبائعين غير المعروفين أو التعامل مع روابط مشبوهة.
أما مجلس الأمن السيبراني، فقد أوضح أن المحتالين يطوّرون أساليبهم باستمرار لاستدراج الضحايا، مستخدمين رسائل تسوّق وهمية تتضمن خصومات كبيرة وروابط مزيفة، مستغلين بذلك الطبيعة التفاعلية للمنصات الاجتماعية التي تقوم على بناء الثقة بين الأفراد.
الهندسة الاجتماعية.. سلاح المحتالين الجديد
من جانبه، أشار مهندس الحلول في شركة “Help AG”، محمود لطوف، إلى أن المحتالين يلجؤون لما يُعرف بـ”الهندسة الاجتماعية”، وهي أسلوب يعتمد على التلاعب بالعواطف وبناء ثقة زائفة مع الضحية عبر صور مقنعة، تقييمات إيجابية مزيفة، ورسائل مستعجلة، بهدف دفع الأفراد لمشاركة معلوماتهم الشخصية أو تحويل الأموال عبر وسائل غير آمنة.
وأكد لطوف أن هذا النوع من الاحتيال أكثر تعقيداً من الهجمات التقليدية، مثل هجمات حجب الخدمة أو التصيّد العشوائي، لأنه يعتمد على التفاعل الشخصي والتواصل المباشر، ما يجعل اكتشافه صعباً باستخدام وسائل الحماية التقليدية.
إحصاءات مقلقة وأساليب متجددة
وكشف لطوف أن تقارير السوق الأخيرة أظهرت ارتفاعاً بنسبة تزيد على 30% في حالات الاحتيال الإلكتروني القائمة على الهندسة الاجتماعية، وخاصة في مجالات المزادات الوهمية والاحتيالات العقارية، ما يبرز مدى تطوّر الأساليب التي يستخدمها المهاجمون لاستغلال المنصات الرقمية الموثوقة.
الثقة العمياء تدفع بالضحايا نحو الخطر
وأوضح لطوف أن اعتماد البعض بشكل مفرط على “الدليل الاجتماعي”، مثل عدد الإعجابات والتعليقات والمراجعات الإيجابية، يجعلهم فريسة سهلة للمحتالين، خاصة عند تزايد الضغط العاطفي من خلال رسائل عاجلة وعروض مغرية تُشعر الضحية بالحاجة لاتخاذ قرار سريع دون التحقق الكافي.
نصائح للحماية من الاحتيال الإلكتروني
ولتفادي الوقوع ضحية لهذه الأساليب، قدّم لطوف مجموعة من التوصيات، أبرزها:
التحقق الدقيق من هوية البائع أو جهة التوظيف قبل أي تعامل مالي.
الابتعاد عن وسائل الدفع غير الآمنة مثل التحويلات الفورية وبطاقات الهدايا.
التعامل فقط مع المنصات الإلكترونية الموثوقة التي توفر حماية للمشتري.
التأكد من أن المواقع تحمل شهادات أمان (HTTPS).
عدم التسرّع عند ظهور عروض تبدو مغرية إلى حد يصعب تصديقه.
تجنّب مشاركة المعلومات الشخصية أو البنكية عبر الاتصالات الهاتفية أو الرسائل.
الحذر من الروابط المشبوهة والمكالمات الدولية أو المجهولة المصدر.
عدم التعامل مع أسواق مفتوحة مثل “Facebook Marketplace” دون التحقق الكامل من هوية الطرف الآخر.
الحذر من عروض التوظيف التي تتطلب دفع رسوم مسبقة.
البحث عبر الإنترنت وقراءة تقييمات الآخرين قبل إتمام أي عملية شراء أو توظيف.
إرشادات للمدفوعات الآمنة عبر الإنترنت
وفي إطار تعزيز الأمان الرقمي، وضع مجلس الأمن السيبراني دليلاً للمدفوعات الآمنة عبر الإنترنت، يتضمن عدداً من الخطوات الضرورية لضمان حماية المعاملات المالية، ومنها:
استخدام بوابات دفع مؤمنة تعتمد على التشفير (SSL).
التعامل مع بائعين معتمدين وموثوقين فقط.
تجنّب إدخال بيانات الدفع في روابط مرسلة عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية.
متابعة الحسابات المصرفية بانتظام لاكتشاف أي عمليات مشبوهة.
تفعيل المصادقة متعددة العوامل لحماية الحسابات الشخصية.
تجنّب استخدام شبكات “Wi-Fi” العامة لإجراء المعاملات المالية دون الاستعانة بتطبيقات حماية موثوقة.
وعي الأفراد.. خط الدفاع الأول
وفي الختام، شدّد الخبراء على أن الوقاية من هذه الأساليب الاحتيالية تبدأ من وعي الأفراد وتيقظهم، مؤكدين أن اعتماد الحذر والتحقق الدقيق قبل أي تعامل إلكتروني هو السبيل الأمثل لحماية الأموال والمعلومات الشخصية من الوقوع في فخاخ المحتالين.