
من صورة على “إنستغرام” إلى متحف زايد الوطني..قصة طفل قفز فرحاً فأصبح رمزاً لوطن
منشور عفوي على “إنستغرام” أطلق شرارة واحدة من أكثر القصص الإنسانية إلهاماً في المشهد الثقافي الإماراتي، حين نشر متحف زايد الوطني صورة أرشيفية لفتى يقفز فرحاً في ساحة مدرسة، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تحديد هوية هذا “الطالب المبتهج” المجهول.
وفي وقت قصير، تحوّلت هذه الصورة إلى مادة للنقاش والبحث عبر مواقع التواصل، حتى وصلت إلى يونس خميس عبدالله هادوك البلوشي، الذي تعرف من خلالها على ملامح مألوفة، ليتأكد لاحقاً أنها صورة والده الراحل، الذي التقطت له عام 1966 في المدرسة النهيانية بمدينة العين، التي أسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
البداية لم تكن سوى مصادفة، بحسب ما أوضح يونس البلوشي في تصريحات صحفية، إذ أخبره أحد الأقارب بأن المتحف الوطني يبحث عن صاحب صورة قديمة، ليكتشف أنها تعود لوالده الذي وافته المنية عام 2013، ما دفعه للتواصل مع إدارة المتحف، وتأكيد هوية والده وتقديم صور إضافية له توثق مراحل مختلفة من حياته.
ورغم أن الصورة نفسها كانت قد ظهرت في وقت سابق في متحف العين، إلا أن عرضها الآن في متحف زايد الوطني، وبشكل دائم، منحها قيمة وطنية وتاريخية جديدة.
إذ ستُعرض ضمن صالة “بداياتنا”، المخصصة لتوثيق المراحل الأولى من حكم القائد المؤسس، الشيخ زايد، حين كان ممثلاً للحاكم في مدينة العين.
البُعد الإنساني للقصة كان الأبرز بالنسبة لعائلة البلوشي، كما أوضح يونس، حيث أبدى فخره الكبير بعرض صورة والده في هذا الصرح الوطني.
وأكد أنهم سيحرصون، كما فعل والدهم معهم، على اصطحاب الأبناء مستقبلاً لرؤية صورة الجد في المتحف، لتظل ذكرى الانتماء حيّة في وجدان العائلة جيلاً بعد جيل.
ويشير البلوشي إلى أن والده كان شغوفاً بالتصوير رغم بساطة الإمكانات آنذاك، وكان يحتفظ بالصور حتى لو كانت قديمة أو غير واضحة.
ومن بين الصور التي يعتز بها، تلك التي توثق صداقته بأسرة أجنبية كانت تقيم في العين، حيث عمل الأب في مستشفى كند، وتوطدت العلاقة إلى حد تبادل المعرفة بين الطرفين، إذ علمهم الأب اللغة العربية وتعلم منهم الإنجليزية.
من ناحية أخرى، أوضحت فاطمة الحمادي، أمينة متحف زايد الوطني، أن مبادرة التعرف إلى الشخصيات في الصور القديمة جاءت ضمن خطة بحثية للمتحف تهدف إلى توثيق القصص المجتمعية التي تشكل ذاكرة الوطن. وأضافت أن الصور التي التُقطت في المدرسة النهيانية عام 1966 تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي أولاه الشيخ زايد للتعليم في بداية مسيرته القيادية.
وتابعت الحمادي بأن الصورة المميزة لذلك الطفل القافز الذي اتضح أنه والد يونس البلوشي أصبحت رمزاً لمرحلة التأسيس، ورسالة تؤكد على أهمية إشراك المجتمع في حفظ التراث الوطني.
ويُذكر أن متحف زايد الوطني، الذي يقع في قلب المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي، يُعد المرجع الرئيسي لتاريخ دولة الإمارات، ويُجسد القيم التي تبناها الشيخ زايد في بناء الدولة والإنسان، منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث.
واختتم يونس البلوشي حديثه بالقول:”تُجسد هذه الصورة الفرح الطفولي، لكنها اليوم تعني لنا الكثير، لأنها جزء من تاريخ وطن يحتفي بأبنائه، ويمنح قصصهم مكاناً خالداً في ذاكرته”.